طالب ممثلو منظمات أهلية عاملة في مجال تأهيل المعاقين وخبراء وأكاديميون بابتكار مناهج متخصصة تحتوي على أساليب وطرق علمية تناسب مع مستويات ذوي الإعاقة ،ووضع استراتجية وطنية للضغط لتبني وتعزيز حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ودمجهم في المجتمع وصياغة خطة إعلامية وطنية يشارك في وضعها الأشخاص ذوي الإعاقة لإبراز قدراتهم وإمكاناتهم.
جاء ذلك خلال الورشة التي نظمها قطاع التأهيل بشبكة المنظمات الأهلية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان –الأرض الفلسطينية المحتلة في فندق جراند بالاس تحت عنوان نحو "خدمات أفضل وإستراتيجية مناصرة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات الحالة الراهنة و آفاق المستقبل" بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
وبدأت الورشة بكلمة ترحيبية لمدير الشبكة أمجد الشوا الذي أكد أن هذه الورشة تأتي ضمن احياء فعاليات يوم المعاق العالمي 3/12 بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لرسم استراتيجية وخطة فعالة من أجل النهوض بخدمات أفضل للأشخاص ذو الإعاقة وحماية حقوقهم منبها إلى خطورة تبعات الحصار الخطيرة على مختلف قطاعات المجتمع الفلسطيني بما في ذلك على قطاع المعوقين وما نتج عن الحرب الأخيرة من مئات المعوقين الذين يحتاجون إلى برامج للرعاية الخاصة وإعادة التأهيل والأدوات المساعدة.
ودعا الجهات المانحة إلى الأخذ بعين الاعتبار تنمية قطاع تأهيل المعوقين بما يخدم الإعداد المتزايدة للمعوقين ودمجهم في المجتمع وتوفير الفرص لهم.
ومن ناحيته ومن ناحيته أكد السيد ماثياس بنيكي مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة ان إعلان الأمم المتحدة اتفاقيتها الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة في ديسمبر 2006 اكد على أهمية هذه الشريحة الاجتماعية في إحداث عمليات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتها ،ولتعيد صياغة موقف المجتمع الإنساني اتجاه المعاق نحو موقف أكثر تأييداً ودعماً لحق المعاق في المشاركة في صنع القرار السياسي والسياسات العامة .
وأكد بنكى أن قضية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قضية مثيرة للقلق بالنسبة لحقوق الإنسان وأن الإحصائيات تؤكد ما يقارب 10% من سكان العالم (650 مليون شخص) يعاني من الإعاقة وللآسف 80% من الأشخاص ذوي الإعاقة يقطنون في العالم الثالث ولا نحتاج إلى قول ما يواجهون من تمييز واستغلال.
وأشار بنكي أن نسبة البطالة في أوساط الأشخاص ذوي الإعاقات في بعض الدول تصل إلي 80%، وتشير الإحصائيات أن 90% من الأطفال ذوي الإعاقات في دول العالم لا يستطيعون الإلتحاق بالمدارس. وتواجه النساء ذوي الإعاقات تمييز مزدوج؟ فبالإضافة الى التمييز والتهميش الذي يمارس بحقهن إستنادا إلى الجنس، تتعرص النساء ذوي الإعاقات للتمييز والتهميش إستنادا إلى الإعاقة إيضاً.
وأنهى كلمته بالتأكيد على أن الحصار على قطاع غزة، والإنقسام السياسي والإحتلال الإسرائيلي، يشكلون عوائق أمام إعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات، متمنيا أن تخرج الورشة بآلية مناصرة فعالة تكفل مجابهة التحديات التي يواجهها الإشخاص ذوي الإعاقات، كخطة نحو إعمال حقوقهم الاساسية.
من جانبه أكد كمال أبو قمر منسق قطاع التأهيل في شبكة المنظمات الأهلية أنه من خلال الإحصائيات التي قامت بها الجمعية الوطنية لتأهيل المعاقين وجمعية الإغاثة الطبية حول الإعاقة في قطاع غزة تشكل 2.85% من إجمالي عدد السكان، كما أشار إلى أن 45.3% من إجمالي الأشخاص ذوي الإعاقة هم إناث، وأن 36% من الأشخاص ذوي الإعاقة هم أطفال.
وقد أوضح أبو قمر أيضاً أن الإعاقة الحركية والبصرية هما الأكثر انتشارا في قطاع غزة، حيث شكلوا 32.2%، 32% على الترتيب.
وطالب ابو قمر بضرورة اجراء احصاء جديد وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية من اجل الوصول الى كافة الاشخاص ذوي الاعاقة وتحديد احتياجاتهم واعداد خطة للتدخل والتأهيل.
ودعا الى تنفيذ كافة بنود قانون المعوقين الفلسطيني بما في ذلك بطاقة المعاق وتوفير 5% من فرص العمل للاشخاص ذوي الاعاقة مطالبا المنظمات الدولية بضرورة زيادة الدعم لبرامج تنمية وتأهيل المعوقين.
وفي مجموعات العمل الثلاث التي شارك فيها ممثلي المنظمات الاهلية والخبراء والاكاديميين حيث كانت المجموعة الأولى والتي ترأسها عبد الله طوباسي متن جمعية الامل لتأهيل المعوقين برفح حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات أكد د.طارق مخيمر مسئول حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان على ضرورة تعميق التعاون بين مختلف الجهات من اجل ضمان توفير حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة والكرامة الإنسانية واللذان شكلا القيم الرئيسية التي تمحور حولها ميثاق الأمم المتحدة للعام 1945 ،وأكد أن الاتفاقية تلزم الدول ببذل أقصى الجهود وتوفير كافة أشكال الدعم لتنمية وحماية حقوق المعاق.
ونوه مخيمر إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق المعاق تلزم كافة الدول بضمان الحق في التعليم وفي الصحة وفي صنع القرار.
ومن جهته تحدث جميل سرحان مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عن قانون رقم (4) لسنة 1999 بشأن حقوق المعاقين التي ركزت على حق المعاق بالحياة الحرة والعيش الكريم والحق في ضمان الخدمات الصحية المشمولة في التأمين الصحي الحكومي مجانا للمعاق وأسرته ،وضمان حق المعاقين في الحصول على فرص متكافئة للالتحاق بالمرافق التربوية والتعليمية ،وتوفير التعليم بأنواعه ومستوياته المختلفة للمعاقين بحسب احتياجاتهم.
وأكد سرحان أن القانون رقم (4) للعام 1999 ألزام المؤسسات الحكومية والغير حكومية باستيعاب عدد من المعاقين لا يقل عن 5% من عدد العاملين بها يتناسب مع طبيعة العمل في تلك المؤسسات ،وتوفير فرص الرياضة والترويح للمعاقين وذلك بموائمة الملاعب والقاعات والمخيمات والنوادي ومرافقها لحالة المعاق.
أما المجموعة الثانية الي ترأسها مصطفى عابد مدير برامج التأهيل في جمعية الاغاثة الطبية وبحثت في الخدمات والبرامج المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة تحدث فيها كمال أبو قمر مدير الجمعية الوطنية لتأهيل المعوقين عن الخدمات المقدمة من قبل المؤسسات وخاصة قطاع التأهيل مشيراً إلى الشمولية والنوعية.
وأشار إلى أن 36% من أصحاب ذوي الإعاقات هم من أسباب وراثية وخلقية وأشار إلى أن البرامج والخدمات المقدمة من قبل المؤسسات لا تلبي 15% من احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة ومنوهاً إلى أن برامج التدخل المبكر وبرامج الوقاية تقلل 50% من حدوث الإعاقة .
وأكد أبو قمر عدم وجود قاعدة بيانات متكاملة تحدد أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة وأنواع الإعاقات والخدمات المقدمة لهم.
أما المجموعة الثالثة والتي ترأستها جواهر الناجي من جمعية دير البلح لتأهيل المعوقين كانت حول النمط الاجتماعي في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتحدث فيها حسين أبو منصور مدير جمعية جباليا للتأهيل حول النظرة السائدة لأصحاب الإعاقات إلى وقت قريب في معظم المجتمعات الإنسانية هذه النظرة تتمثل في أنهم أفراد يختلفون عن الأفراد العادية ولا يتساوون معهم وأن أصحاب الإعاقات في نظر المجتمع يعتبرون أقلية غير منتجة تعد عالة على الأسر التي يعيشون فيها وكانت هذه النظرة للمجتمع على أصحاب الإعاقات آثار نفسية مؤلمة ،وأشار إلى موقف رفض أصحاب العمل وكذلك العمال الآخرين من قبول عامل معاق بينهم لاعتقادهم أن هذا العامل سيكون إنتاجه قليل مما يؤثر على عملية الإنتاج.
وأكد أبو منصور أنه في الوقت الحاضر نجد أن غالبية دول العالم أصبحت تهتم بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقات وتعترف بحقوقهم وتقوم على رعايتهم وتأهليهم وهذا أدى إلى تغيير ملموس في نظرة غالبية أفراد المجتمع إلى ذوي الإعاقات ،وفي نظرة أفراد المجتمع بتقبلهم والتعامل معهم .
وفي نهاية الورشة عرض المشاركون التوصيات التي خرجوا بها من خلال مجموعات العمل الثلاثة مؤكدين ضرورة ابتكار مناهج متخصصة تحتوي أساليب وطرق علمية تناسب مستويات ذوي الإعاقة ،وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية والتدخل المبكر للوقاية من الإعاقة وتوفير مراكز التأهيل المهني والموائمة ،العمل على تطبيق بند حق المعاق في العمل.
وطالب المشاركون على ضرورة تنفيذ بطاقة الأشخاص ذوي الإعاقة ،وزيادة الدعم المقدم لبرامج تأهيل الاشخاص ذوي الاعاقة ،استخدام المصطلح الدولي "الأشخاص ذوي الإعاقة " ،وأكد الحضور على ضرورة زيادة جهود المؤسسات العاملة في مجال التأهيل بدمج المعاق وأسرته في عملية التخطيط والتنفيذ.