تأتي الذكرى السنوية للنكبة لتذكر العالم بالجريمة المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بأجياله المتعاقبة منذ ما يزيد عن ستين عاما. تلك الجريمة التي تمثلت بقتل الآلاف من الفلسطينيين، وتشريد مئات آلاف آخرين قسرا عن بيوتهم وأراضيهم. وتستمر هذه الجريمة في ظل الرفض الإسرائيلي للاعتراف بالمسؤولية التاريخية والقانونية عن تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم ورفض القبول بمبدأ حق العودة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 194 عام 1948، وقطع الطريق أمام ممارسة اللاجئين الفلسطينيين لحقهم الطبيعي في العودة الى ديارهم التي هجروا منها من خلال محاولة استهداف هذا الحق عن طريق التعويض أو التوطين.
فقد استحضر الإسرائيليون بقوة -خلال السنوات القليلة الماضية- موضوع يهودية دولة إسرائيل لتحتل مركز الصدارة عند كل بحث حول القضية الفلسطينية وبالذات خلال البحث في قضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. فالإصرار الإسرائيلي في التأكيد على يهودية الدولة، وضرورة أن يكون الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية" كشرط في أية تسوية أو اتفاقية سلام مع الفلسطينيين يغلق الباب أمام حق العودة للاجئين الفلسطينيين ويزيد الأصوات العنصرية المطالبة بترحيل الفلسطينيين من وطنهم، كما ويساهم من جهة أخرى في تنفيذ سياسة تمييز واضطهاد عرقي بحق الأقلية العربية داخل الخط الأخضر.
وفي الذكرى الحادية والستون للنكبة بلغت الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ذروتها، وهذا يؤكد أن النكبة متواصلة وإنها جزء من الحياة المعاشة للشعب الفلسطيني. وقد تمثلت هذه الجرائم باستمرار الحصار الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة الذي يتعرض للحصار الخانق منذ حوالي عامين، وتوسيع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية بما يشمل القدس على حساب الأرض الفلسطينية، واستكمال بناء جدار الضم، والاستمرار في سياسة تهويد القدس من خلال تكثيف سياسة هدم البيوت ومصادرة الأراضي وإفراغ المدينة من سكانها الأصليين، واستمرار ارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ، التي توجت بالحملة العسكرية الواسعة على قطاع غزة، وما رافقها من انتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين بعضها يرتقي لجرائم حرب.
فخلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في الفترة الواقعة بين 27 كانون أول 2008 و 18 كانون ثاني 2009 تصاعدت جرائم القتل والتدمير والتشريد بحق المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، مما أدى الى قتل حوالي 1400 فلسطينيا وفقا لتقارير الأمم المتحدة من ضمنهم حوالي 340 طفلا وفقا لتوثيقات الحركة، وتدمير آلاف المنازل سواء بشكل كلي أو جزئي وتشريد آلاف آخرين من الفلسطينيين، الجدير بالذكر أن الكثير من الفلسطينيين الذين قتلوا ودمرت منازلهم وشردوا خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة هم لاجئون فلسطينيون، شردوا قسرا من ديارهم خلال نكبة عام 1948.
وبعد مضي ما يقارب الأربعة شهور على إعلان وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة على قطاع غزة فان الآلاف من مواطني قطاع غزة لا زالوا دون مأوى ويفتقرون الى الخدمات الأساسية للحياة، كما أن إعادة اعمار قطاع غزة وإيواء آلاف المشردين دون مأوى مهمة مستحيلة في ظل استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، وعدم السماح بدخول المواد اللازمة للقيام بعملية الاعمار، واستمرار المجتمع الدولي في صمته تجاه ما جرى ويجري في قطاع غزة، وعدم ممارسة الضغط اللازم على دولة إسرائيل من أجل إلزامها برفع الحصار عن القطاع، وتحميلها مسؤولية الدمار الذي أحدثته خلال حربها الأخيرة على القطاع.
في هذا السياق فان الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال/ فرع فلسطين تؤكد في الذكرى الحادية والستون للنكبة على أن حق العودة حق طبيعي وقانوني، لا يسقط بالتقادم، كفلته الشرائع والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة وبشكل خاص قرار الجمعية العامة رقم 194.
تطالب الحركة المجتمع الدولي بالعمل من أجل ضمان عدم تكرار النكبة من خلال وضع حد للتردي المستمر للأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف الجرائم المتواصلة بحق السكان المدنيين، وتحميل دولة الاحتلال المسؤولية القانونية على جرائم الحرب التي ترتكبها في القطاع والرفع الفوري للحصار.