تحذر شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية من الأستهانة بخطورة الأمر العسكري العنصري الذي يحمل عنوان"منع التسلل"، والذي ياتي في سياق مخطط التطهير العرقي الرامي الى تفريغ الأرض من اصحابها، وترحيلهم مرّة أخرى إلى أراضي الشتات. والذي عبرت عنه مجموعة من الأوامر العسكريّة، والتي بُوشِر في تطبيقها منذ ستينيّات القرن الماضي، وتمارسها سلطات الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين في كل من القدس وداخل الخط الأخضر، واليوم ضد المواطنين في الضفة الغربيّة وقطاع غزّة. وتدعو الشبكة الى التصدي الحازم لهذا الأجراء العنصري وفضحه.
تكمن خطورة هذه التعديلات في تعديل مصطلح "المتسلل".فالأوامر العسكريّة الجديدة تُحدد مفهوم "المتسلل" بأنه الشخص الذي قَدِم إلى الأراضي المحتلة، ويقيم فيها بشكل "غير قانوني" (بغض النظر أنه قد دخل إلى المناطق المحتلة بشكل قانوني أو غير قانوني)، وتُجيز للقائد العسكري تجريمه أو ترحيله إلى المنطقة التي قَدِم منها من دون إجراء أي محاكمة. وبالتالي فإن هذا التعديل ينطبق على المواطنين الفلسطينيين (حاملي جوازات سفر عربيّة أو أجنبيّة أو فلسطينيين ألغيت إقامتهم)، والذين قدموا إلى الإقامة في الضفة الغربيّة وانتهت المدّة الزمنيّة لتأشيرات دخولهم. كما يحدد الأشخاص الذين تقدّموا بطلبات لمّ شمل، ولم يحصلوا على هويّة فلسطينيّة، بأنهم متسللون، وبالتالي يصبحون في دائرة الأشخاص الذين ينطبق عليهم هذا التعريف، ويتعرضون للتجريم والترحيل.
إضافة إلى الخطورة على المجموعات أعلاه، فإن النصّ يحتوي مصطلحات ومفاهيم غير واضحة وفضفاضة، تسمح للقائد العسكري أو لسلطات الاحتلال في أي مرحلة مُستقبليّة بتطبيق الأمر على مجموعات إضافيّة من الفلسطينيين.
ان هذه الأوامر والتعديلات تخالف كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تمنع دولة الاحتلال من تشريد والإبعاد القسريّ للشعب الذي يقع تحت سلطة احتلالها[1].
لذلك، فإننا في شبكة المنظمات الأهليّة الفلسطينيّة، نؤكّد ما يلي:
1- رفضنا القاطع لهذا الأمر العسكري جملةً وتفصيلاً.
2- أهميّة مطالبة المجتمع الدولي بموقف حازم وإدراك خطورة هذه القرارات العسكريّة، وما يواكبها من إمكانيّات لترحيل قسري لجموع كبيرة من الفلسطينيين، وبالتالي ممارسة التطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب.
3- أهميّة التواصل مع الممثليّات الأجنبيّة في الأراضي الفلسطينّية، وإشعارهم بخطورة هذه الأوامر على رعاياهم الذين يمكن أن يتعرّضوا للمحاكمات الجنائيّة والسجن لمدّة قد تصل إلى ثلاثة سنوات، لمُجرّد عدم حصولهم على تجديد إقامة أو بسبب رفض إسرائيل لمتابعة إجراءات لم الشمل بشكل ثابت ودائم.
4- كما ونطالب الدول العربيّة والإسلاميّة إدانة دولة الاحتلال في كافة المنابر الدوليّة، بهدف الضغط عليها لإلغاء هذا القرار.
5- نطالب السلطة الفلسطينيّة التنسيق مع كافة القوى الوطنيّة ومؤسسات العمل الأهلي الفلسطيني، للخروج بموقف واضح من هذا القرار، وكما ونطالبها التمسك بعدم التوجّه إلى أي مفاوضات حتى تتوقف سياسة فرض الوقائع على الأرض وانتهاك الحقوق المكفولة للفاسطينيين.
ملحق: الإبعاد من خلال الاتفاقيات والمحاكم الدوليّة
1- اتفاقية لاهاي
اعتبرت الاتفاقيّة أن إبعاد المدنيين كأسلوب أو ممارسة هو أمر غير مألوف في العالم المتحضّر، فقد نصّت المادة 22 من لوائح لاهاي الملحقة بالاتفاقية الرابعة علي أنه "ليس للمتحاربين حق مطلق في اختيار وسائل الأضرار بالعدو" .
كما وتنص المادة 46 من لوائح لاهاي الملحقة بالاتفاقية الرابعة لسنة 1907 علي أنه "يجب احترام شرف الأسرة وحقوقها وحياة الأشخاص والملكية الخاصة والمعتقدات والممارسات الدينية ولا يجوز مصادرة الملكية الخاصة"، ومن من هذا المُنطلق فإن إبعاد أفراد الأسرة عن أماكن أقامتهم وتعريض حياتهم للخطر نتيجة ترحيلهم عن بيوتهم وأوطانهم وتشتيت شملهم يتعارض مع مقاصد هذا النص.
2- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
لقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 مؤكدة علي احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية حيث يعد الأساس للحرية والعدالة والسلام في العالم وأن كافة الحقوق التي وردت فيه هي حقوق غير قابله للتصرف أو الانتهاك
وأهم ما جاء في هذا الإعلان هو التأكيد علي التحرر من التعذيب والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة للكرامة ونص علي الحرية من الاعتقال أو الاحتجاز أو النفي التعسفي .
3- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
وضّحت المادة 49 من الاتفاقية بشكل جليّ أن الترحيل القسري هو أمر ممنوع، حيث جاء "يُحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو ترحيلهم من الأراضي المحتلة إلي أراضي دولة أخري محتلة أو غير محتلة أياً كانت الدواعي".
فالمادة 49 حظرت الإبعاد والترحيل القسري واعتبرته غير مشروع وأعيد التأكيد علي عدم المشروعية في نص المادة 147 حيث نصت علي أن المخالفات الخطيرة هي التي تتضمن أفعال إذا اقترفت ضد أشخاص محمية أو ممتلكات محمية بالاتفاقية مثل القتل العمد والتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية والإبعاد والترحيل غير المشروع .
كما أنّ مبدأ تطبيق هذه النصوص من - اتفاقية جنيف الرابعة - يبدأ سريانها بمجرد أن يتم ترحيل السكان قسراً من أماكن إقامتهم العادية وليست حسب مزاعم سلطة الاحتلال .
كما تنص المادة 146 من الاتفاقية نفسها ألقت علي عاتق الأطراف التزاماً باتخاذ الإجراءات التشريعية لفرض عقوبات جزائية علي الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية ومن جهة أخري فإن الاختصاص القضائي للنظر في مثل هذه المخالفات يتجلي في أن كل طرف في الاتفاقية يلتزم بملاحقة المتهمين لارتكاب هذه المخالفات الجسيمة أو أن يأمر بارتكابها وتقديمهم إلى المحاكمة أمام المحاكم المختصة .
و-وإن الإبعاد والترحيل القسري للمدنيين هو اختصاص عالمي وهي تندرج ضمن طائفة الجرائم الدولية التي لا تسقط بالتقادم.
البروتوكوليين الإضافيين لاتفاقيات جنيف لسنة 1977
لقد نصت المادة 85 من البرتوكول الأول بشكل صريح علي حماية المدنيين من الإبعاد والترحيل حيث نصت بأنه تعتبر الأعمال التالية بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا البرتوكول :-
أ- إذا أقترقت عن عمد مخالفة للاتفاقيات أو البرتوكول .
ب- قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها إلى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها مخالفة للمادة 49 من الاتفاقية الرابعة .
كما عملت الفقرة الخامسة من نفس المادة على بيان التكيف القانوني واعتبرتها جرائم حرب.
أما المادة 17 من البرتوكول الثاني الملحق باتفاقية جنيف فقد نصت علي عدم جواز إرغام الأفراد المدنيين علي النزوح عن أراضيهم لاسباب تتصل بالنزاع.
4- الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان لعام 1950 وملحقها .
إن المادة "1" من البرتوكول رقم "7" الملحق بالاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان لعام 1950 حظرت الإبعاد الفردي .
5- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969م .
لقد نصت المادة "22" الفقرة "9" من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 حظرت الطرد الجماعي.
6- الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1979 .
إن نص المادة "12" الفقرة "5" من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1979 حظرت الطرد الجماعي .
المحاكم الدوليّة
1- محكمة نومبررج :
أكّدت محكمة نومبررج أنّ إبعاد وترحيل المدنيين هو جريمة دولية، وقد استندت في ذلك إلي لوائح لاهاي والعُرف الدولي ، وكما أدانت هذه المحكمة عمليات الإبعاد والترحيل القسري بحق خمسة ملايين عامل من الأقاليم المحتلة في فرنسا الدانمارك، لوكمسبورج، بلجيكيا، هولندا، روسيا خلال فترة الحرب العالميّة القانية.
2- المحكمة الجنائية الدولية :
لقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية أن الإبعاد يعتبر جريمة دولية وجريمة ضد الإنسانية وهي جريمة عدوان، حيث نصت المادة "7" من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية معتبرة الإبعاد وترحيل السكان المدنيين جريمة دولية، ويجب محاكمة مرتكبيها وتقديمهم إلي المحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم مجرمي حرب.