افتتحت اول أمس اعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في الدوحة، والذي يستمر أربعة أيام، بمشاركة 50 ممثلا عن مؤسسات المجتمع المدني حول العالم بما فيهم ممثل عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، بالإضافة إلى ممثلي البلدان التي وقعت على الاتفاقية، من أجل تبادل الأفكار بشأن منع الفساد، وتعزيز تنفيذ التدابير الوقائية المنصوص عليها في الاتفاقية ولتبني آليات لمراجعة عملية إنفاذ الاتفاقية.
وأشار المشاركون بأن الفساد يقوض الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وأن اتفاقية الأمم المتحدة التي صادقت عليها 141 دولة حتى اللحظة تشتمل على العديد من الأحكام والتدابير والإجراءات المتعلقة بالشفافية والمساءلة التي من شأنها أن تجعل الاتفاقية الأداة الأكثر فعالية في مكافحة الفساد.
ائتلاف أمان يشارك
ويشارك الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية، بصفته عضو في تحالف المجتمع المدني لمناصرة الاتفاقية والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في أعمال المؤتمر ممثلا بالدكتور عزمي الشعيبي مفوض أمان لمكافحة الفساد. حيث يشارك في اجتماعات المنظمتين الدولية والعربية للبرلمانين ضد الفساد التي ستعقد على هامش المؤتمر.
وتجدر الإشارة إلى أن أمان نفذت العديد من النشاطات وحملات التعبئة والتوعية باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكان لها دورا في تبني على الحكومة الفلسطينية لإبداء التزامها بالاتفاقية في حال قيام دولة فلسطين.
السلطة الفلسطينية: لمنظمات المجتمع المدني دور كبير
أمَّا السلطة الوطنية الفلسطينية والتي سبق وقدمت التزاما بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فقد كررت على لسان الدكتور علي خشان وزير العدل الفلسطيني التزامها بالاتفاقية وإرساء دعائم الديمقراطية والحرية والفصل المتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، معتبرا هذا الفصل الأساس والمنطلق لمكافحة الفساد والحد منه وتعزيز قيم النزاهة والشفافية.
وشدد خشان على ضروة إزالة المعوقات التي تؤدي إلى تفشي الفساد قبل مكافحته؛ من خلال وضع آليات حقيقية للمكافحة، وخلق بيئة مناسبة قوامها الحفاظ على حقوق الإنسان وتمكين المرأة وحرية الوصول الى المعلومات.
وأضاف، ان مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية لا يرتبط بدول العالم الثالث والدول الفقيرة فحسب بل هو أمر يتعلق بالدول الفقيرة والغنية على حد سواء، منوهاً إلى الدور الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة، مطالباً الحكومات بدعم هذه المنظمات.
الأمم المتحدة: يجب التحرك لإعادة الملايين المسروقة
ونبه انطونيو ماريا كوستا المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في هذا السياق إلى ما أفضت إليه العولمة من نمو اقتصادي عالمي ونشوء أسواق جديدة أدت لأوضاع مريحة سمحت للجريمة المنظمة ان تتخذ أبعادا عالمية لتصبح بالتالي خطرا جسيما. وقال كوستا ان العديد من الحكومات قدمت وعودا لتقديم تقارير عن التقدم الذي تم إحرازه في إنفاذ الاتفاقية ولكن الكثير منها أخلفت وعودها ولم تلتزم بذلك.
وشدد على مسألة التحرك الفاعل من اجل إعادة الملايين من الأموال المسروقة عبر اذرع الفساد في دول أمريكا اللاتينية وغيرها من دول العالم والحفاظ على الصالح العام للشعوب والدول مشددا هنا على ضرور تجسيد الإرادات السياسية الدولية وتفعيل دور المجتمعات المدنية والإعلام وتعزيز دوائر القضاء لشن حرب دولية واسعة النطاق ضد هذا الخطر الداهم الذي ينضوي تحت مسمى الفساد.
وأعرب عن قناعته بضرورة مواجهة الفساد قبل وقوعه معللا ذلك بأنه أضمن لمحاربة الظاهرة والسيطرة عليها قبل ان تستشري مؤكدا هنا على ضرورة تحديد آليات عمل شفافة وليس على غرار سوق عكاظ على حد تعبيره لتبادل التهم وقال علينا العمل الجاد والفعال والجماعي لاكمال الصفقة فليس لديكم ايها المشاركون اي اسباب للتخوف أو التأخر في هذا المسار فعليكم توحيد كلماتكم ومفاهيمكم وتحركاتكم لانجاح هذا العمل المهم لذلك افتحوا اعينكم امام آلية استعراض النظر في مكافحة الفساد.
رئيس المؤتمر: اتفاقية مكافحة الفساد مرجعا
وبعد أن وضع الأصبع على الجرح، قدم النائب العام ورئيس المؤتمر حلولا لمكافحة الفساد، داعياً إلى ترسيخ مبادئ التعليم وحرية الإنسان وكرامته والنزاهة وفاعلية وكالات الرصد والمتابعة والمساواة أمام القانون دون تمييز. ولفت إلى ضرورة جعل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مرجعا يحتكم إليه منبها لأهمية الأخذ بأسباب الوقاية من الفساد قبل محاربته.
منظمات المجتمع المدني تطالب الحكام بالإفصاح عن ذمتهم المالية
أما ممثلوا المجتمع المدني فقد أكدوا أن قوة الاتفاقية تكمن في إنفاذها، وهذا يجب أن يحدث على المستوى الوطني. وأن نجاحها يعتمد اعتمادا كبيرا على آلية فعالة للمراجعة تشمل نشر التقارير القطرية والمشاركة الفعالة من منظمات المجتمع المدني. وقد منحت منظمات المجتمع المدني الحكومات مهلة حتى الجمعة القادم ليقرروا ما إذا كانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سوف تكون ملزمة لها كمعيار عالمي لمكافحة الفساد.
وكان قد سبق هذا المؤتمر منتدى الدوحة السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة والذي اختتم أول أمس والذي رفع توصياته لمؤتمر دول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومنها ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر"حزما"، و حماية أجهزة الرقابة والمنظمات التي تعمل على “فضح الفاسدين” من التهديدات التي تتعرض لها، ومكافأتهم على تضحياتهم، إلى جانب تحفيز مؤسسات القطاع العام وشركات القطاع الخاص التي تحترم مبادئ الاتفاقية الأممية للشفافية.