ويأتي هذا التطور في سياق سياسة أمريكية منظمة اتبعتها الإدارة الأمريكية الحالية في التنكر لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ومحاولاتها تصفية القضية الفلسطينية. بدأت هذه السياسة بدعم التوسع الاستيطاني، وممارستها لضغوط هائلة لحرمان الفلسطينيين من اللجوء للعدالة الدولية، وها هي الآن تنسف كل جهود احلال السلام وحل الدولتين.
وتعد تصريحات واجراءات الرئيس الامريكي اشتراكاً في جريمتين دوليتين: جريمة عدوان على الدولة الفلسطينية، باعتبار أنها دعم وتأييد لضم أراضي الغير بالقوة؛ كما إنهاجريمة حرب باعتبارها اشتراك في جريمة الاستيطان التي تمارسها دولة الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس.
كما تمثل تصريحات وإجراءات ترامب خرقاً واضحاً لأكثر من (16) قراراً صادرة عن مجلس الأمن، أبرزها قرارا مجلس الأمن رقم (476) و(478) لسنة 1980. كما يخالف ما قام به الرئيس الأمريكي عدة قرارات للجمعية العامة تتعلق بالحق الفلسطيني في القدس، ومنها قرار رقم (303) لسنة 1949، وقرار رقم (2253) لسنة 1967. هذا بالإضافة لانتهاكه الصريح ومخالفته الواضحة لرأي محكمة العدل الدولية في قراراها الاستشاري المتعلق بجدار الضم العنصري، الذي أكد على أن كل الأرض التي سيطرت عليها اسرائيل عام 1967 أرض محتلة، بما فيها القدس الشرقية، وكذلك عدة قرارات صادرة عن منظمة اليونيسكو، والتي أكدت على الحق الفلسطيني في القدس ومقدساتها.
إن ردة الفعل العالمية الرسمية والشعبية والتي أجمعت على رفض إعلان الرئيس الأمريكي، وأكدت تقويضه لعملية السلام، تؤكد أن الموقف الأمريكي بات معزولاً عن كل الدول المؤثرة في العالم، بما فيها الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة.
ويعيد موقف الرئيس الأمريكي إلى الأذهان جريمة وعد بلفور، فبعد 100 عام جاء من لا يملك ليعطي اعترافاً لمن لا يستحق مرة أخرى، في تنكر سافر للقانون الدولي واستهانة بالسلم والأمن الدوليين، وحياة الكثير من الأبرياء التي قد تتعرض للخطر نتيجة لإثارة مشاعر ملايين المسلمين والمسحيين حول العالم.
وترى مؤسسات المجتمع المدني العربية وائتلافاتها أن ما قام به الرئيس الأمريكي هو دعوة صريحة لشريعة الغاب، وفرض لسياسة الأمر الواقع، وتحطيم كامل للنظام القانوني الدولي، واعطاء شرعية سياسية لجرائم الاحتلال الاسرائيلي، ومساس بالتاريخ والحاضر والمستقبل وبكرامة الشعوب العربية والاسلامية والمسيحية، وعليه فإنها:
1. تطالب الدول العربية والعالم الإسلامي باتخاذ خطوات حاسمة لحمل الإدارة الأمريكية للتراجع عن إعلانها ووقف المساس بمكانة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
2. تطالب المحكمة الجنائية الدولية بإدراج الرئيس الأمريكي ترامب ضمن المتهمين بتنفيذ جريمة الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة في الملفات المحالة لها بخصوص جريمة الاستيطان.
3. تدعو القيادة الفلسطينية لوقف التعامل مع الادارة الأميركية كوسيط بعد إعلانها الانضمام شريكاً للعدوان والاحتلال، كما تدعوها للتوجه للجمعية العامة والعمل مع دول العالم المحبة للسلام لاستخدام الآلية الخاصة بـ"الاتحاد من أجل السلام" لتجاوز الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، لإدانة الإعلان الأمريكي وإفراغه من أية شرعية أو مضمون، واتخاذ اجراءات لمواجهته.
4. تدعو سويسرا والدول العربية والإسلامية والدول الأوروبية التي رفضت قرار ترامب إلى الدعوة لاجتماع عاجل للدول السامية الأطراف في اتفاقيات جنيف لإدانة الموقف الأمريكي، والتأكيد على انطباق اتفاقيات جنيف على الأرض المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، والعمل على إلزام الولايات المتحدة بالاتفاقيات باعتبارها أحد الاطراف السامية المتعاقدة.
5. المؤسسات والائتلافات الموقعة إذ تثمن موقفه بإدانة القرار الأمريكي، فإنها تدعو الاتحاد الأوروبي لاتخاذ اجراءات جدية في مواجهة القرار باعتباره مخالفة صريحة للقانون الدولي وتهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين.
6. تدعو المجتمع المدني الأمريكي وكل أحرار العالم للتحرك والضغط على الرئيس الأمريكي من أجل انقاذ السلام العالمي وتجنيب العالم حرباً دينية بسبب التصرفات غير المسؤولة للرئيس الأمريكي.
7. تطالب كل الدول التي عبرت عن رفضها للقرار الأمريكي إلى الامتناع عن المشاركة في أي لقاء يكون طرفه مسؤولين أمريكيين في القدس للحيلولة دون تحول القرار إلى أمر واقع مع الوقت.
Governorate
Major Sector