مركز التنمية والدراسات العمالية والوحدة العمالية بغزة ينظمان ورشة عمل

متحدثون:
• الخروج من المأزق الفلسطيني بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وحدة الهوية والكيانية والعودة للشعب.
• إقرار خطة اقتصادية ذات مضامين اجتماعية تصون للإنسان إنسانيته وحريته وحقه بالعمل والحياة الكريمة.

غزة/ 16-1-2010
بمناسبة مرور عام على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نظم مركز التنمية والدراسات العمالية، وكتلة الوحدة العمالية بغزة، ورشة عمل بعنوان: "التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للحرب والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة"، اليوم، في قاعة الهلال الأحمر بغزة، والذي شارك فيها كلاً د.فاروق دواس رئيس جمعية مركز التنمية والدراسات العمالية، وأ.معين رجب أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، والخبير الاقتصادي أ. عمر شعبان، وأ.عصام معمر أمين سر كتلة الوحدة العمالية بقطاع غزة. وحشد واسع من المواطنين ومن قطاع العمال بالإضافة الى شخصيات وطنية واجتماعية وأكاديمية ونقابية.
بدوره أشار د.فاروق دواس إلى ان إسرائيل شنت حربها التدميرية على قطاع غزة في ظل فقدان الفلسطينيين للقانون الرئيس والأساس لحركات التحرر الوطني ألا وهو الوحدة الوطنية في ظل التعددية والديمقراطية من ناحية، ومن ناحية أخرى عمقت نتائج العدوان الإسرائيلي حالة التدهور الاقتصادي الغير مسبوق وآثاره الاجتماعية المدمرة. مما ترتب على ذلك ارتفاع جنوني لنسب البطالة والفقر مما جعل الغزيون يعتمدون بشكل أساسي على الإعانات الاغاثية عوضاً عن التنمية والإنتاج، مما أدى الى انتشار النشاطات الاقتصادية الغير منتجة وذات الطابع الطفيلي، حيث يصح وصف ذلك باقتصاديات الإغاثة واقتصاد التهريب أي اقتصاد الأنفاق، وما يولد هذا كله من أمراض اجتماعية مزمنة كسيادة قيم الاقتصاد الاستهلاكي وأنشطة السوق السوداء والثراء الفاحش الغير مشروع وتراجع قيم العدالة الاجتماعية حيث أصبح قطاع غزة مصدراً لرؤوس الأموال التي يتقاضاها من جهات مختلفة: فهناك 79 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من السلطة الفلسطينية، وقرابة 35 ألف يتقاضون من الحكومة المقالة، و100 ألف يعملون في القطاع الخاص، و20 ألف من وكالة الغوث. ويقدر عدد العاطلين عن العمل بـ124 ألف من المشاركين في النشاطات الاقتصادية.
والذي ترافق مع هذه النسب المرتفعة جداً لنسب البطالة التي تقارب 40% من المساهمين في النشاطات الاقتصادية نسباً أعلى في الفقر وذلك لجهة الانخفاض في الدخل الفعلي بحكم تآكل القيمة الشرائية للمرتبات والأجور، حيث وصلت هذه النسبة الى ما يزيد عن 50 % من السكان بل تتعدى ذلك إذا أخذنا بالاعتبار ان متوسط الدخل قد انخفض متوسط الدخل الحقيقي بنسبة عالية جداً وعليه فأننا نجد ما يقارب 80% من السكان يتقاضون وبدرجات متفاوتة معونات اغاثية.
وأشار الى تقديرات المصادر الفلسطينية الوازنة الخسائر المباشرة وغير المباشرة والفرص الضائعة بقرابة 2 مليار و800 مليون دولار، ومع ان المؤتمر الدولي في شرم الشيخ الذي أعقب الحرب قد أقر مساعدات في حدود 4.5 مليار دولار لإعادة اعمار قطاع غزة ودعم موازنة السلطة الفلسطينية في عامي 2009-2010، إلا ان صعود اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل وتعمق الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، قد أعاق إعادة الاعمار بل وعطله كلياً، وكانت الحجة التي يعتد بها لعدم تقديم هذا العون السخي هو الانقسام المدمر والمتمحور حول تقاسم السلطة والنفوذ والمال.
وفيما يتعلق بالآثار الاجتماعية للحصار والحرب والانقسام فقد انتشرت قيم جديدة مخيفة كتراجع العلاقات القائمة على أساس الهوية الوطنية والتعددية والديمقراطية والتماسك المجتمعي لتفسح المجال أمام العدمية والاستبداد والكراهية والتعصب والاهتمام لما هو آني ومباشر من المصالح الفئوية والشخصية وتكييف الوصول الى الحكم بشكل غير ديمقراطي، لكي يصبح مصدراً للجاه والثروة وليس مصدراً للوحدة المجتمعية وسيادة القانون والنظام والعدالة. ان انتشار الظاهرة المشار إليها من شأنها تعميق التخلف الاجتماعي والعودة الى سيادة النقل على العقل والعودة الى الخرافات والأساطير والعهود الظلامية والمظلمة.
وأكد د. دواس أن المخرج الوحيد من هذا الوضع الكارثي يحتاج مجدداً ولا بأس من التكرار الى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وحدةً وطنية حاضنة للمشروع الوطني، وحاملة لمفاهيم النهضة والتنوير والعصرنة والحداثة، ولا نعقد ان هناك بدائل أخرى غير ذلك.
من جهته تطرق أ. عمر شعبان الى الأسباب الحقيقية لشن إسرائيل حربها الأخيرة على قطاع غزة، وهي خلق وقائع جديدة على الأرض بتدميرها لمنازل المواطنين وممتلكاتهم والمنشآت الاقتصادية بالقطاع، إضافة الى الهدف الأساسي ألا وهو تخفيف المشاعر الوطنية والانتماء للحق الفلسطيني وتغيير أولويات المجتمع الفلسطيني، وليست كما أدعت إسرائيل ان الهدف هو وقف الصواريخ أو القضاء على حركة حماس أو الأنفاق. مضيفاً : "ان إسرائيل سعت من وراء الحرب الى تعميق الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ليس سياسياً فقط بل اجتماعياً واقتصادياً، وتقزيم المشاعر الوطنية بغزة عن طريق الفقر، على حساب اغنائها بالضفة بالثراء".
ونوه الى أن الانقسام الداخلي ولدّ حالة من الإحباط لدي الفلسطينيين لمنعهم من الوصول الى أهدافهم الوطنية، مضيفاً : ان هناك من يحاول استدامة الانقسام لخدمة مصالحه الشخصية والفئوية، مشيراً الى انجازات السلطة في بناء مؤسسات الدولة والذي دمرتها إسرائيل في حربها وعدوانها في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن قطاع غزة غير واضح المعالم من الناحية الاقتصادية.
في وذات السياق أشار أ. معين رجب، الى الأوضاع الاقتصادية القاسية والتي انعكست سلباً على أحوال المواطنين والوطن معاً، مما أدى الى تراجع الدخل الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة مقارنة مع الدول المجاورة بين الأعوام السبعة من 2000-2007، حيث كان الدخل في عام 2000 (108%) مقارنة بمصر، والذي انخفض الى (78%) في عام 2007، وانخفاض مستوى الدخل من (88% )الى ( 43% ) مقارنة بالأردن، وانخفض من 165% الى 69% مقارنة بسوريا، و35% الى 21% مقارنة بلبنان، و9% الى 6% مقارنة بإسرائيل. مؤكداً ان قطاع غزة يعيش حالة اقتصادية أكثر سوءاً من الضفة الغربية مقارنة بارتفاع نسب البطالة وتدني مستوى الدخل.
وتطرق الى حالة الشباب الأكثر قسوة وصعوبة في المجتمع الفلسطيني، والتي تصل معدلات البطالة الى أكثر من 60% حسب إحصائية الجهاز المركزي للإحصاء 2008، مما جعلهم يبحثون عن بدائل أخرى مثل السفر للخارج أو الهجرة. داعياً الحكومة المقالة بغزة الى التخفيف من عبء الحالة الاقتصادية على كاهل العمال عبر الجهود العربية والدولية.
من جهته تحدث عصام معمر عن معاناة العمال بدءاً من انتفاضة الأقصى مروراً بالحصار ووصولاً الى العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي غيب قضاياهم وهمومهم وحولهم الى جيش من المتسولين أمام المؤسسات الاغاثية التي تقدم المساعدات الإنسانية الممزوجة بالمحسوبية والبعيدة عن التقديمات الاجتماعية وأهدافها. مشيراً الى ان سياسة الإغلاق والحصار الاقتصادي على القطاع، والذي حال دون وصول أكثر من 45 ألف عامل الى داخل الخط الأخضر للعمل، إضافة الى 8000 عامل جديد في مستوطنات قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، و 4500 عامل كانوا يعملون في منطقة ايرز الصناعية، موضحاً ان ما يقارب 200 ألف عامل في قطاع غزة عاطل عن العمل نتيجة الحصار والإغلاق، وفق إحصائيات اقتصادية، حيث بلغت نسبة الأفراد الذي لا يعملون ما نسبته 44.8% في القطاع. داعياً السلطة الفلسطينية الى تطوير قانون العمل لصالح توفير ضمانات أكثر فعالية لحقوق العاملين، وإنشاء نظام ضمان اجتماعي وصحي لجميع فئات العمال بما فيهم العاطلين عن العمل من خلال صندوق وطني يخضع لإدارة عمالية منتخبة.
وفي نهاية الورشة، أوصى المتحدثون بتبني خطة وطنية اقتصادية شاملة ذات أبعاد اجتماعية عادلة ومتوازنة تتجاوز التجاذبات السياسية الراهنة، وتراعي بجدية الانسجام بين السياسات التنموية المتوسطة المدى والسياسات الإغاثية الطارئة، ودعوة كافة القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية للعمل الفوري والحثيث من أجل انجاز مصالحة وطنية حقيقية، تؤدي إلى توحيد شطري الوطن، وتؤسس لعلاقات صحية وسوية وطبيعية بين فئات وشرائح الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات على السواء، تمهيدا لإنهاء الحصار الظالم. إضافة الى وضع حد لاقتصاد الأنفاق القائم على مفاهيم غير إنتاجية والتي تحفز مفاهيم تهريب السلع والبضائع والثراء غير المشروع، وفي ذات الوقت إقرار أسعار مناسبة لحاجات الناس خاصة أسعار المواد الأساسية من غذاء ومسكن وملبس ورعاية صحية وتعليم وتربية وثقافة.

Governorate
Major Sector

href="http://statcounter.com/" target="_blank"> class="statcounter"
src="//c.statcounter.com/7777687/0/e4135b25/1/" alt="web
analytics">