رام الله -عقدت الجمعية الفلسطينية لأمراض نزف الدم مؤتمرا صحفيا في مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني في مدينة رام الله لتسليط الضوء على احتياجات مرضى نزف الدم الوراثي في فلسطين على ضوء الحرب القائمة على غزة، المستجدات العالمية في العلاج وأساليبه، وبعد ان شارك وفد من الجمعية في المؤتمر العالمي للهيموفيليا والذي عقد مؤخرا في مدينة مدريد الإسبانية.
افتتح المؤتمر الصحفي رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلسطينية لأمراض نزف الدم الاستاذ جاد الطويل مرحبا بالحضور، مؤكدا على تفاقم معاناة مرضى فلسطين مستشهدا بأمثلة من الماسي التي يمر بها المرضى في كل من قطاع غزة والضفة الغربية منوها لتداعيات حرب الإبادة الدائرة منذ أكثر من سبعة أشهر وتأثيرها على النظام الصحي ومرضى فلسطين كافة.
وضح الطويل بأمثلة من واقع حياة المرضى مستشهدا، كيف تتفاقم معاناة لافي النجار ويستمر نزوحه وتشتت عائلته لأكثر من مرة منذ بداية الحرب وفي ارجاء مختلفة من قطاع غزة من شمالها حتى جنوبها، فلافي النجار مريض هيموفيليا وكفيف، واحتياجاته الطبية اليومية من توفير العامل المخثر الثامن ورعاية طبية روتينية لمضاعفات النزف او ضرورية كزراعة مفصل ركبة وتلبية اساسيات الحياة الأخرى له ولعائلته وحتى بالحصول على خيمة تأويهم غير محصلة حتى الان.
أما بدر ابن الخمسة عشر عام فلقد تم انتشاله وانقاذه من تحت ردم وأنقاض منزله في دير البلح بعد تعرض بيته لقصف الاحتلال، وتم انتشاله وهو يعاني من نزف في عينه وكسور في ساقه ويده، وبقي لشهرين بدون علاج من العوامل المخثرة، إلى ان قامت مؤخرا جمعية اغاثة أطفال فلسطين بتنسيق ونقلة لدولة الإمارات لتلقي العلاج.
في سياق متوازي تحدث الطويل عن معاناة مرضى الخليل ورام الله والبيرة وسلفيت وجنين وباقي المحافظات الفلسطينية وعدم مقدرة المرضى على الحصول على رعاية طبية ونفس اجتماعية شمولية مناسبة و متخصصة من مضاعفات النزف لديهم، وخاصة عدم توفر أخصائي الدم والعظام والعلاج الطبيعي والأسنان والعيون والمثبطات لمتابعتهم باستمرار ودوريا وغياب توفر اختصاصات أخرى مرتبطة باستمرارية ومضاعفات النزف والتجلط، بالإضافة لعدم توفر العوامل المخثرة بأنواعها المختلفة لدى وزارة الصحة بانتظام وخاصة العامل المخثر التاسع والعاشر وال فان ويلبراند وحسب البروتوكولات العلاجية.
بينما شجون وهموم مرضى نزف الدم الوراثي في فلسطين قضية تاريخيّة متجددة. وتزداد احتياجات هؤلاء المرضى وتتراكم يوم بعد آخر، فقد طالب الطويل ان لا تستخدم المعيقات التاريخية والأولويات الاخرى في المجتمع الفلسطيني وتداعيات الحرب الحالية كتبرير او شماعة للقبول بهذا الوضع المتردي القائم والتقصير او الشح او انعدام الخدمات.
في كلمة ونيابة عن المرضى، تحدث عضو الهيئة الادارية للجمعية الاستاذ أشرف ابو جعفر عن التحديات الكبيرة التي يواجهها المرضى ومنذ فترة طويلة جدًا، حيث يواجهون عوائق تحول دون حصولهم على العلاج الأساسي والأدوية والرعاية الصحيحة. فالوضع مأساوي، وأدت حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل على غزة الى انهيار القطاع الصحي واستحالة توفير العلاجات المناسبة لمرضى نزف الدم، ومع هذا يحاول كافة مرضى وجرحى فلسطين الاستمرار بحياتهم دون وجع أو ألم، ولكن تستمر معاناة المرضى بالمجمل بشكل يومي، ومعاناتهم صعبة للغاية في معظم الأحيان ولا يوجد لها حلول فورية، لكنها ليست مستعصية على الحل.
واضاف ابو جعفر يمكننا الاستمرار في رفع مستوى الوعي حول مرض نزف الدم بالشراكات والتعاون المشترك، والدعوة إلى التغيير في مستوى الخدمات من خلال مساعدة المرضى بأن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، وتوفير العلاج المناسب لهم بشكل دائم ومساعدتهم بالتعليم والعمل من أجل تحسين قدراتهم من أجل مستقبل أكثر إشراقًا للجميع.
اما الدكتور علي عبد ربه عضو الهيئة الإدارية للجمعية والمدير السابق لديوان مكتب وزيرة الصحة فتطرق بحديثه عن الحق بالصحة وأن هذا الحق أقرته القوانين المحلية والعالمية والمواثيق الإنسانية. وأكد على انه من حق كل إنسان ان يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. فالصحة هي حالة اكتمال السلامة الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية وليس مجرد. غياب او انعدام المرض او العجز. وهذا يجب ان يتلاءم مع رسالة وزارة الصحة الفلسطينية التي تلتزم بالعمل المشترك مع جميع الشركاء لتعزيز صحة المواطن والمجتمع وتطوير اداء القطاع الصحي وذلك من خلال ضمان توفير خدمات صحية متكاملة ذات جودة عالية.
وفي الختام تحدث عضو الهيئة الإدارية للجمعية البروفسور هشام درويش والمحاضر في الجامعة العربية الأمريكية ولخص المعلومات التي تم الحصول عليها من مشاركة وفد الجمعية في المؤتمر العالمي للهيموفيليا والمتعلقة بتطور أساليب العلاج الشمولي وتوفر أنواع مختلفة من الأدوية المختلفة، وقارن الدكتور درويش الأمور عالميا بالأوضاع في فلسطين مطالبا بضرورة التركيز على بناء الطواقم الطبية المتخصصة في التخصصات المرتبطة بمضاعفات النزف والتجلط كالأطفال والدم والعظام والنسائية، وتوفير العيادات التخصصية الدورية للمرضى والاهتمام بالتشخيص الدقيق، و بأنواع أمراض نزف الدم المختلفة والتي تصيب الإناث ايضا، وإعطاء الأدوية المناسبة للمرضى و توفير برامج الدعم النفسي والاجتماعي الدائم للمرضى وعائلاتهم.
اختتم الطويل المؤتمر الصحفي مخاطبا المجتمع الفلسطيني قائلا دعونا نضع مطالب واحتياجات مرضى فلسطين في الواجهة وليتم ايصالها لصناع القرار وتتكاثف جهود كافة مقدمي الخدمات في السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ويكون التعامل بين الجميع بنفس إيجابي تكاملي لا تنافسي و بمنهجية علمية واضحة لبناء وتطوير المنظومة الصحية لخدمة المريض الفلسطيني وخاصة مريض نزف الدم في فلسطين.