اختتام اللقاء التدريبي لطلبة مشروع "المرافئ الفكرية"

اختتمت جمعية الثقافة العربية أعمال اللقاء التدريبي المكثف لطلبة مشروع "المرافئ الفكرية" والذي امتد على مدار ثلاثة أيام ما بين 12 و14 نيسان 2025، في مدينة رام الله، والذي  يُعدّ أحد المشاريع المركزية في برنامج المنح الدراسية – منحة روضة بشارة عطالله في الجمعية.
جاء هذا اللقاء المكثف بعد سلسلة من التدريبات واللقاءات امتدت على مدار العام الحالي والمنصرم، قدم المشروع من خلالها عدد من المحاضرات والتدريبات على يد محاضرين ومدربين ومختصين في الشأن السياسي والثقافي، ويعد هذا المشروع عامة استكمالًا لرؤية الجمعية في الاستثمار في الطاقات الشبابية والطلابية، عبر تهيئة فضاءات فكرية حرة تُعزز من الحضور الثقافي، وتُغذّي الروح النقدية، وتُسهم في بناء وعي سياسي واجتماعي متجذّر في الواقع الفلسطيني ومتطلّع إلى التحرر والعدالة.

على مدار الأيام الثلاثة، خاض الطلبة الجامعيون تجربة معرفية غنية تنوعت بين محاضرات فكرية، ورشات تدريبية تفاعلية، ونقاشات جماعية ناقدة، تمحورت حول قضايا وطنية، ثقافية وسياسية راهنة، تتصل بالسياق الفلسطيني وما يفرضه من تحديات ومسؤوليات.

في اليوم الأول، افتُتح البرنامج بكلمة ترحيبية قدمها عز عودة، منسق مشروع المنح و“المرافئ الفكرية”، عرّف من خلالها بمضامين المشروع، والدور الملقى على الطلبة والحركة الطلابية في استيعاب المتغيرات المتسارعة وبناء عمل طلابي مبني على المعرفة والاستعداد للعطاء والجهد. أعقب ذلك محاضرة قدمتها الصحافية وفاء العاروري بعنوان “النكبة المستمرة: التهجير القسري كسياسة استعمارية”، تناولت فيها واقع الاقتلاع المتواصل الذي يتعرض له الفلسطينيون، ليس بوصفه حدثًا من الماضي، بل كجريمة ممنهجة تتجدّد بأشكال متعددة حتى اليوم، عرضت تحليلاً واقعيًا لآثار السياسات الاستيطانية على الوجود الفلسطيني والذاكرة الوطنية.

واختتم اليوم بورشة كتابة إبداعية ونقدية مع الكاتب والمعلم المسرحي غسان ندّاف، الذي اعتمد على خبرته الواسعة ومؤلفاته في تدريب المشاركين على التمييز بين أنماط الكتابة: التقرير، المقال، والبيان، لتمكينهم من صياغة مشاريعهم الخاصة التي يُنتظر من الطلبة المشاركون تقديمها في الأشهر القادمة، مستخدمًا تقنيات الكتابة والدراما لاستحضار الذاكرة الجمعية وتحفيز التعبير الذاتي المرتبط بالسياق الوطني.

أما اليوم الثاني، فتميّز بمحاضرة قيمة قدّمها الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، والذي يُعَدّ من أبرز الأصوات الفكرية والسياسية في فلسطين، إذ تمحورت المحاضرة حول “الانقسام الفلسطيني وأثره على المشروع الوطني”، حيث استعرض الجذور السياسية للانقسام، وتداعياته على الهوية الفلسطينية الجماعية، ومستقبل التحرر الوطني، جامعًا بين البصيرة البحثية والتحليل الدقيق للأحداث السياسية.

وفي ذات اليوم، شارك الطلبة في ورشة تفكير ناقد مع المرشد والميسّر ينال النبالي، سعت إلى توسيع أفق الخيال السياسي، وتعزيز القدرة على مساءلة الواقع والبحث عن بدائل خلاقة، مع تعريف الطلاب على ماهية التفكير النقدي، والفرق بينه وبين التفكير الإبداعي، ومجالاته ومراحله، من خلال أنشطة لامنهجية وتفعيل المجموعة.

وفي اليوم الثالث والأخير، قدّم السياسي والباحث، رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، محاضرة حول مفهوم الديمقراطية في السياق الفلسطيني، واضعًا هذا المفهوم في مواجهة مع واقع الاحتلال والاستعمار، ومسلطًا الضوء على دور الشباب العربي الفلسطيني في الجامعات كجزء من معركة الوعي والانخراط الفعّال في الفضاء العام. وقد اختُتمت اللقاءات بجلسة تقييمية مع المدير العام لجمعية الثقافة العربية، مصطفى ريناوي، دار فيها نقاش مفتوح حول التجربة التدريبية، وأهمية مواصلة مثل هذه المساحات الفكرية المستقلة في دعم تكوين قيادات ثقافية وسياسية جديدة.

لم تكن هذه الأيام مجرد تدريب معرفي، بل شكّلت مساحة شعورية وفكرية نادرة، عبّر عنها الطلبة المشاركون بكلماتهم الخاصة.
حيث قالت مريم عوّاد، طالبة في منحة “روضة عطا الله بشارة” ومتدرّبة في مشروع “المرافئ الفكرية”: "بالنسبة لي، ساعدني هذا المشروع بتدريباته المتنوعة في كيفية تفكيك بعضا من المشاكل التي نواجهها، وكيفية التوجه الفكري نحو محاولة حلها او تسليط الضوء عليها، من خلال روايتنا الفلسطينية، هذه التجربة لا تشبه المساحات التي خضتها سابقا في نفس السياق وتختلف بعض الشيء عن العمل الأهلي الذي خضته سابقا".

وأضاف، مصطفى أعسم من مدينة الناصرة، طالب جامعي مشارك في المشروع: "التحقت بهذا المشروع من أجل أن أطور معلوماتي السياسية أكثر، وفي نفس الوقت أتعرف على طلاب جامعيين، ومحاضرين ومدرّبين مختلفين ومع أفكار متنوعة. وكان هذا التدريب تجربة فردية، مميزة ومهمة بالنسبة إلي".

وشدد عز عودة ولورين كنعان منسقا برنامج منحة روضة بشارة عطالله على إيمان الجمعية العميق بأن العمل الثقافي فعل مقاومة، وبأن الركيزة الأولى هي بتحرير الوعي. كما تجدّد التزامها بالاستمرار في فتح المرافئ أمام الطلبة الجامعيين للغوص في أسئلتهم الكبرى، وتعزيز أدواتهم الفكرية والنقدية، نحو مجتمع فلسطيني أكثر عدالة، وحرية، وقدرة على الفعل الجماهيري المستقل.

 

Major Sector

href="http://statcounter.com/" target="_blank"> class="statcounter"
src="//c.statcounter.com/7777687/0/e4135b25/1/" alt="web
analytics">