وجاءت هذه النقاشات خلال لقاء مفتوح حول الحق في تكوين الجمعيات بين الواقع و الاطار القانوني الناظم، في مركز مسارات "معهد السياسات العامة" نظم برعاية الاتحاد العام الفلسطيني للجمعيات الخيرية بالتعاون مع مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية ضمن مشروع تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في عملية التنمية و الذي تنفذه شبكة المنظمات الاهلية ( وبدعم من الاتحاد الاوروبي) وشارك فيها عدد من الحقوقيين ومثلين مؤسسات اهلية فلسطينية اضافة الى ممثلين عن هيئة المنظمات الاهلية، وادار اللقاء الدكتور محمد عودة و قدم كل من الدكتور احمد ابو دية عرضا عن واقع منظمات العمل الاهلي و نشاتها في فلسطين و مراحل تطورها، و قدم كذلك عرضا للبيئة القانونية التي رافقت تطور عمل المؤسسات الاهلية في فلسطين.
وقال الدكتور أحمد ابو دية مدير عام في المجلس التشريعي و محاضر في جامعة بيرزيت: ان مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني تشكل و ولدت في ظل المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني حيث قد قادت العمل الوطني في غاب المؤسسة الرسمية و قدم شرحا وافيا عن تطور مؤسسات العمل الاهلي تاريخيا في فلسطين و العلاقة التي ربطت مؤسسات العمل الاهلي والمجتمع المدني بالمؤسسة الرسمية التي اتسمت بالتنافر احيانا و التجاذب احيانا اخرى من خلال تداخل الادوار و المسؤوليات لكل من هذه المؤسسات و المؤسسة الرسمية، و تطرق الى منظومة الحوكمة في منظمات المجتمع المدني و تطورها. كام تطرق الى ممارسات المؤسسة الرسمية، و تاثير التقلبات السياسية على بيئة العمل الناتجة من خلال تدخلات الاحتلال و المترتبة كنتيجة الانقاسام السياسي الداخلي و اثره على منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الاهلية. و اضاف الى ذلك، سياسات التمويل الدولي و اثرها على اضعاف العمل الاهلي في فلسطين متطرقا الى البيئة القانونية الفلسطينية التي تعمل هذه المؤسسات وفقها في كل من شطري الوطن.
قد ادار الدكتور محمد عودة نقاشاَ حول العديد من الاسئلة حول كيفية احداث التوازن بين عمل المؤسسات الاهلية و المؤسسة الرسمية، و كيفية الاخذ بعين الاعتبار دور الاحتلال في بيئة العمل للمؤسسات الاهلية و الرسمية، و هل المؤسسات الاهلية و الرسمية يعي الدور المنوط له في ظل الاحتلال؟ و ما هي طبيعة العمل بين المؤسسات الاهلية و الرسمية؟ هل هي تنافسية ام تكاملية؟ و ما هي الجهود اللزمة لتطوير العلاقة والعمل كفريق واحد لمصلحة البلد والمواطن والدعوة للنقاش وايجاد الكيفية المناسبة للعمل المشترك. كما تطرق الى الخلط بين مفاهيم العمل الاهلي و الخيري و المجتمع المدني.
وحول مفهوم المجتمع المدني قال السيد امجد ابو شملة ممثل هيئة المؤسسات الاهلية: ان قانون الجمعيات الخيرية و الهيئات الاهلية لم يحدد مفاهيم العمل الاهلي و مصطلحاته، كما ان اللائحة التنفيذية للقانون جاءت لتحل محل القانون ، و هناك تعارض مع القانون في بعض المجالات. و نوه الى ان واقع المؤسسات الاهلية في فلسطين مرتبط مع واقع الاحتلال و تداعياته و الاحتياجات المتغيرة نتيجة له.
وقال "بالرغم من وجود قانون متطور للجمعيات الخيرية في فلسطين الى انه غير قادر على الاجابة على الكثير من التساؤلات التي تطرح من واقع تجربة العمل الاهلي في فلسطين ، لذلك نحتاج الى قانون عصري قادر على ايجاد اجابات صريحة لهذه التساؤلات
يشار إلى أن قانون الجمعيات الخيرية المعمول به في فلسطين، يتطرق الى الجمعيات الخيرية و ليس الى منظمات المجتمع المدني المتعددة و يحتم على الجمعيات التسجل و لا يشترط الترخيص، و هناك العديد من الفترات التي يتم تطبيق القانون بصرامة اكثر مما هي علية نصوصه مما يشير الى تغول المؤسسة الرسمية في اعمال القانون و يعود ذلك الى التطورات السياسية الداخلية و التجاذبات على الساحة الفلسطينية.
و قد اثنى الحضور على التطور الواضح في اداء كل من المؤسسات الاهلية و الرسمية، حيث الوضوح في الاداء والسلوك الا اننا لم نصل للمرحلة المثلي حين نصل الى تطبيق القانون وما حدث حتى الان هو انجاز يقدر حيث انتقلت العلاقة من التعسف الواضح الى مرحلة النقاش والمشاركة في صنع القرار واعتبر ان هذا ارتقاء بمستوى الوعي لدى الطرفين وتمنى تطوير هذه العلاقة لمتابعة التطورات التي تطرأ على صعيد العمل اليومي
و في مداخلات متعددة لكل من الدكتور عبد الرحيم طه و الاستاذة سناء قفراوي و الاستاذ عماد حسين اكد المتحدثون على اهمية تطوير المنظومة القانونية الناظمة لعمل مؤسسات المجتمع المدني من خلال مراجعة شاملة للقوانين و اللوائح التنفيذية بشراكة كاملة مع كل الاطراف الفاعلة. و دعى الحضور الى تطوير منظومة التمويل المستدام لمؤسسات المجتمع المدني من خلال ايجاد دعم حكومية و اشراك القطاع الخاص في دعم منظومة المجتمع المدني بفعالية بعيد عن التفرد بنشاطات دعائية لمقدمي التبرعات و احتكامها لقانون ناظم و شفافية في العمل
واكد الحضور على اهمية بدء حوار وطني بين الحكومة الفلسطينية و مؤسسات المجتمع المدني لوضع النقاط على الحروف في طبيعة العلاقة ( الدور لكل منها) و انعكاس هذه العلاقة بقانون عصري ينتج من خلال مراجعة قانون الجمعيات الخيرية و الهيئات الاهلية و قانون التعاون ، و العمل النقابي ضمن حوار وطني جدي و بناء. يمثل هذا القانون بيئة قانونية ملائمة تجاوب على جميع التساؤلات التي بقيت دون اجابة من القوانين العاملة. كما أكد الحضور على اهمية الحكم الصالح و الرشيد في القطاعات الثلاث الاهلي و الحكومي و القطاع الخاص . بالإضافة الى اهمية ارتباط مصادر التمويل بالخطة التنموية الوطنية المبنية على الحوار الوطني الشامل و توزيع الادوار الفعال.