في إطار متابعتها للحق في السكن الملائم، كأحد حقوق الإنسان الأساسية الذي تتابعه، نظمت وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، صباح اليوم الأربعاء، ورشة عمل بعنوان: تحديات الإسكان في قطاع غزة، الواقع والحلول. عقدت الورشة في قاعة فندق الكومودور بمدينة غزة، وشارك فيها عدد من ممثلي المؤسسات الحكومية، الأهلية والعاملين في قطاع الإسكان وحشد غفير من أصحاب المنازل المدمرة.
ورحب د. فضل المزيني، الباحث في وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز، بالمشاركات والمشاركين في الورشة. وأشار إلى أن انعقاد الورشة يأتي في إطار تواصل التنسيق بين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والمؤسسات العاملة في مجال الإسكان ومؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة، وحرص المركز على متابعة كافة القضايا التي تمس حياة شريحة عريضة من المواطنين في قطاع غزة، لاسيما مع تعثر جهود إعادة إعمار الممتلكات والأعيان المدنية في قطاع غزة. وأشار د. المزيني إلى الأسباب التي أدت إلى أزمة السكن، وأهمها تدمير قوات الاحتلال لآلاف المنازل والوحدات السكنية خاصة خلال العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة، والنمو الطبيعي للسكان في ظل استمرار إغلاق المعابر التجارية وعدم السماح بتوريد مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار. وأشار المزيني إلى أن حرمان السكان من حقهم في السكن الملائم يعتبر انتهاكاً خطيراً للمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة رقم (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية، وخرقاً للمادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تحدد الإطار القانوني للتمتع بالحق في السكن الملائم في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وتحظر إنتهاكه.
وتطرق المهندس هاشم سكيك، أمين سر إتحاد المقاولين الفلسطينيين، في مداخلته بعنوان: واقع الإسكان في قطاع غزة، إلى أزمة الإسكان الراهنة في قطاع غزة الناجمة عن النمو الطبيعي للسكان، والحصار المتواصل على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007 والعدوان الحربي الإسرائيلي على القطاع، الذي أعاق فرص توفير مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار القطاع، وعدم قدرة المؤسسات العاملة في مجال الإسكان على تلبية حاجة السكان من متطلبات توفير السكن الملائم. وأشار سكيك إلى أن توقف الإنشاءات جراء الانقسام المستمر بين غزة ورام الله، وغياب التنسيق بين الحكومتين فاقم أزمة السكن في القطاع. وطالب سكيك بالشروع في بناء المصانع الإنشائية، وتأهيل العمالة الفنية المدربة للرقى بواقع السكن في القطاع.
من ناحيته قدم المهندس ناجي سرحان، الوكيل المساعد لشؤون التخطيط بوزارة الأشغال العامة والإسكان، مداخلة بعنوان: دور الحكومة في حل أزمة الإسكان في قطاع غزة، عرض فيها التوزيع السكاني لقطاع غزة، واحتياجات سكانه من الوحدات السكنية. وأشار سرحان إلى أن العدوان الحربي الإسرائيلي والحصار المستمر على قطاع غزة ضاعف من العبء على كاهل وزارة الأشغال العامة والإسكان والمؤسسات الحكومية، نظرا لقلة الإمكانيات المتاحة. وقال أن المنح والتسهيلات التي تتلقاها وزارة الأشغال لا تفي باحتياجات المواطنين في قطاع غزة، داعياً المؤسسات المانحة إلى ضرورة الالتزام بتعهداتها السابقة والمتعلقة بإعادة بناء المنشآت التي تم هدمها خلال وبعد العدوان الحربي على قطاع غزة.
وأشار الأستاذ محمد الرياطي، القائم بأعمال رئيس برنامج البنية التحتية وتطوير المخيمات بوكالة الغوث الدولية، في مداخلته بعنوان: دور وكالة الغوث في حل أزمة إسكان اللاجئين في قطاع غزة، إلى أن جهود وكالة الغوث الدولية تهدف إلى تخفيف الظلم الواقع على سكان القطاع، وأن الوكالة تؤكد دائماً على حق اللاجئ الفلسطيني في العيش في مأوى آمن ومناسب. وأشار إلى أن الوكالة شرعت في بناء 1185 وحدة سكنية، وأن الوكالة لديها مشاريع إسكان ممولة وهي قيد الإنشاء، و 1500 وحدة سكنية غير ممولة والوكالة بصدد الطلب من الدول المانحة تمويلها. مؤكداً أن وكالة الغوث لديها خطة لـ 3 سنوات لبناء 100 مدرسة للقضاء على الفترة المسائية في مدارس وكالة الغوث.
وبدوره قدم المهندس أسامة السعداوي مدير عام المجلس الفلسطيني للإسكان، مداخلة بعنوان: دور المنظمات غير الحكومية في إعادة إعمار غزة- قطاع الإسكان، أشار فيها إلى أن المجلس الفلسطيني للإسكان تأسس لتمكين المواطنين في قطاع غزة من الحصول على السكن الملائم، وأن المجلس سيشرع بتنفيذ أنشطة خيرية على شكل منح لترميم البيوت المدمرة، مؤكداً على قيام المجلس ببناء 80 وحدة سكنية بالكامل منذ أواخر العام 2010، وأن 38 وحدة سكنية قيد الإنشاء، و 220 وحدة سكنية سيجري العمل على تنفيذها خلال الفترة القريبة القادمة. وطالب السعداوي بضرورة توظيف كوادر بشرية مؤهلة وتنفيذ أعمال الإنشاء في المباني بشكل قانوني.
وأشار الباحث خليل شاهين، مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز، إلى دور المركز في متابعة انتهاكات الحق في السكن الملائم، بما في ذلك المتابعة وإصدار الدراسات والتقارير، المساعدة القانونية للضحايا والضغط على الجهات المانحة والحكومات لإعادة إعادة إعمار قطاع غزة، خاصة في مجال الإسكان. ودعا شاهين إلى ضرورة تبني وكالة الغوث الدولية آليات جديدة للتعامل مع أصحاب المنازل المدمرة لتجاوز عقبة عدم توفر مواد البناء، وذلك تحت إشراف الأنروا ذاتها. ووعد شاهين أصحاب المنازل المدمرة بأن يتبنى المركز مطالبهم من أجل الإسراع في تحقيق إعادة بناء وتأهيل المساكن المدمرة.
وقد فتح الباحث في الوحدة عزام شعت، والذي أدار الورشة، باب النقاش في نهايتها، وقدم خلالها المشاركون والمشاركات عدد من المداخلات والأسئلة. وقد أوصى المشاركون والمشاركات بعدة توصيات أبرزها:
دعوة المجتمع الدولي إلى الضغط على السلطات الإسرائيلية المحتلة من أجل وقف استهدافها للمنشآت المدنية في قطاع غزة، وتعويض أصحابها عن الخسائر التي لحقت بهم نتيجة العدوان المتواصل على القطاع.
مطالبة المجتمع الدولي الضغط على السلطات الإسرائيلية المحتلة لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، والسماح بإدخال مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار.
مطالبة المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته المتعلقة بإعادة بناء الممتلكات والأعيان المدنية في قطاع غزة، التي تعرضت للهدم نتيجة العدوان الحربي الإسرائيلي على القطاع أواخر العام 2008.
مطالبة وكالة الغوث الدولية البدء فوراً في إعادة إعمار وبناء المنازل السكنية التي قامت بهدمها في قطاع غزة، بدعوى أنها غير ملائمة للسكن، ودعوتها لتغيير آلياتها بما يسرع في عملية بناء المنازل المدمرة.