مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" يصدر بيانا لمناسبة اليوم العالمي للتسامح

بمناسبة اليوم العالمي للتسامح الموافق 16 تشرين ثاني أصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" بيانا بعنوان "العدالة الانتقالية الوجه الآخر للتسامح" جاء فيه:

يدعو مركز "شمس" إلى ضرورة الاحتكام إلى مبدأ الحوار، وإلى رفض الاحتكام إلى استخدام القوة أو التلويح بها، وإلى ضرورة التأسيس لتصور جديد للتسامح يتجاوز حدود الدين والفرد ليصبح حقاً ينبغي الدفاع عنه وحمايته قانونياً. فالتسامح شرط ضروري للسلم الأهلي، فهو تعايش المختلفين بسلام إذا توافر بينهما حد أدنى من التكافؤ والمساواة أو القَبول بالآخر. هو قبول الآخر على علاّته وعلى اختلافه، وبالنتيجة فإن التسامح يعبر عن صيغة احترام مشاعر ومعتقدات الآخرين، بصرف النظر عن ألوانهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية والمذهبية أو خلفياتهم الاجتماعية.

يذكر مركز "شمس" أن التسامح هو نوع من التجلي الحقيقي لمفهوم الحقوق، وهو يكافئ المفهوم الديمقراطي بأبعاده الاجتماعية لأن الديمقراطية الاجتماعية والتسامح مفهومان يتضمنان قيم الإنسان وحقوقه التي تسعى إلى تحرير الإنسان من كافة أشكال العبودية والقهر والتسلط، فالتسامح هو الخطوة الحقيقية الأولى في إنهاء مشكلة الضحية والتخفيف من آلامها ليس فقط الجسدية (آثار التعذيب)، وإنما الآلام النفسية والمعنوية أيضاً. إن ذلك يتطلب من كل من اقترف جريمة حرب الاعتراف العلني الكامل بجرائمه وكل أفعاله السابقة وبكل وضوح ودقة وصدق، وأمام الضحايا وجهاً لوجه، إن هذا الاعتراف العلني من قبل مرتكبي الانتهاكات وإعلانهم الندم والاعتذار وطلب الغفران، سيتيح للضحايا المستمعين لهم أن يتأملوا ويفكروا ويجنحوا للتسامح رغم صعوبته ومضاضته. إن فكرة الحق التي لا تسامح في الاعتداء عليها، هي غاية وقيمة بحد ذاتها، إنها الكرامة ذات الارتباط بالحرية، والحق في الحياة. فلا تسامح مع الاحتلال ومع الاستبداد. لا تسامح مع أصحاب الاحتكارات المولدين للفقر، لأن الفقر اهانة مطلقة لحياة الإنسان.

يؤكد مركز "شمس" إن التسلط السياسي وغياب الديمقراطية والتعصب والتكفير والتخوين والإقصاء وغياب تكافؤ الفرص، هي من الأسباب الأساسية لغياب التسامح وعدم قبول الاختلاف، والتي شكّلت مجتمعة بيئة مناسبة لانتشار السخط والاحتجاج بين الفئات الشابة المنبوذة والمهمشة والتي تعاني من الإقصاء وقلة الاستفادة من الثمار المادية للسياسات التنموية. وإذا ما أضفنا إلى ما سبق الخطابات التبشيرية التي تقدمها بعض التيارات المتشددة ووعودها الخلاصية لهؤلاء، إذا ما التزموا تعاليمها وتبنوا مرجعياتها، فإننا يمكن أن نفهم لماذا شكّلت هذه الفئات الرافد الأساسي لهذه الحركات وعلى مدى عقود عديدة.

يطالب مركز "شمس" بضرورة ضبط المشاعر والتوجهات التي تحيط بالثورات العربية، فإشاعة روح الانتقام وتصفية الحسابات لا تشجع عملية التحول الديمقراطي السليم. فمن أخلاق الثورات الديمقراطية الناجحة إشاعة روح التسامح والصفح عند المقدرة، ووضع نظام سياسي يتسع للجميع. وقد كان هذا جلياً في عمليات الانتقال الديمقراطي في جنوب إفريقيا وأوروبا الشرقية، وإن ذلك لا يعني أننا ندعو إلى عدم محاسبة مرتكبي الجرائم وتقديمهم إلى العدالة، مع توفير الضمانات الكاملة للمحاكمة العادلة، وليس هناك بالطبع ما يمنع من ملاحقة من نهبوا المال العام، ومن ارتكبوا فظائع وجرائم ضد الإنسانية، على أن يتم ذلك في إطار القضاء المستقل، وبعيداً عن المزايدات السياسية و"عدالة الشارع". وبالتالي يجب التفريق بين مساءلة المجرمين والإقصاء السياسي لأنصار النظم السابقة.

يحذر مركز "شمس" من المحاكمات الميدانية، وما يرافقها من انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي، الشيء الذي سيزيد من أعداء الثورات ومن الأشخاص المهمشين، وستزداد دائرة المشاكل الداخلية، والتي ستؤثر على النسيج المجتمعي، إن البديل لذلك هو العدالة الانتقالية عبر الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المضمار. فإذا أردنا للثورات أن تنجح في تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي ومستقر، فإن المفتاح هو المعادلة الدقيقة التي تحقق التوازن بين العدالة والتسامح، وبين المعاقبة وتجنب الإقصاء، وبين الروح الثورية وضرورة احترام القانون واستقلالية المؤسسات. ومن مصلحة الجميع تفضيل الاستقرار طويل المدى على شهوة الانتقام الآنية، وإلا فإن مسلسل الاحتراب سيستمر إلى ما لا نهاية.

href="http://statcounter.com/" target="_blank"> class="statcounter"
src="//c.statcounter.com/7777687/0/e4135b25/1/" alt="web
analytics">