عقد في بلدة برقين غرب مدينة جنين لقاء مفتوح موسع شارك فيه العشرات من الأهالي والمعلمين وممثلي المجتمع المدني في قاعة مدرسة برقين الأساسية في لقاء حواري هادف ناقش خلاله المجتمعون آليات تعزيز العلاقة بين مختلف مكونات العملية التعليمية.
ونظم اللقاء بمبادرة من مؤسسة تعاون لحل الصراع – رام الله و الهيئة الإستشارية الفلسطينية لتطوير المؤسسات غير حكومية في محافظة جنين PCS ، بالتعاون مع جمعية سيدات برقين وبدعم من مركز أولف بالما الدولي لسويدي.
وقالت رئيسة سيدات برقين دلال عتيق إن الضرب لا زال وسيلة مستخدمة ضد الإنسان، فالرجال يضربون نساءهم والآباء يعتدون بالضرب على أبنائهم، والمعلمون يلجئون في أحيان كثيرة للعصا، وكل هذا يحدث في العصور الحديثة في القرن الواحد والعشرين في زمن التطور والتكنولوجيا والفضائيات والإنترنت وليس في العصور القديمة الغابرة.
وقال أحمد أبو الهيجاء عضو الهيئة الإستشارية: لقد أثبتت الدراسات والأبحاث لدى العديد من الباحثين أن أسلوب الإقناع والمنطق والحكمة والمثابرة لا يتقنه إلا أناس أذكياء وعقلاء وإنسانيون آدميون بمعنى الكلمة.
ونوه إلى أنه في المقابل يلجأ الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أو عقلية أو سلوكية للضرب في قمع الآخر وفرض تفكيرهم واعتقادهم عليه بالقوة والتخويف والتهديد دون أن يفسح المجال للعقل والحكمة المغيبتين من قاموس هؤلاء البشر الذين يفتقدون لأدنى صفات الإنسانية والآدمية.
وأكد أن الضرب كوسيلة للردع والعقاب والتأديب أو التربية لم تكن في يوم من الأيام مثمرة وذات نتائج ايجابية بل على العكس كانت وخيمة ومؤلمة ومرعبة جدا، فهل تساءل الناس كم من الإعاقات السمعية والبصرية والعقلية والجسدية نتجت عن هذه الظاهرة وهذا العمل القاسي.
واستغرب قائلا: ما ذنب الطفولة البريئة لتنمو معها المشاكل النفسية والإعاقات؟ وما ذنب أم حين تعيش في جو من الرعب والعبودية والذل والقهر كيف ستستطيع تربية أبنائها؟ وما ذنب تلميذ وطالب يكره مدرسته فلا يفكر إلا بالتسرب من مدرسته والانحراف والجهل بسبب القمع والضرب والوعيد ؟
وأبدى المشاركون أراءا مختلفة حول جدوى الضرب في المدارس، فمنهم من قال أن المجتمع الفلسطيني يمر بظروف قاهرة ونكبات نتج عنها التشرد والحرمان وفقدان المأوى وخلل في الحياة الاجتماعية بسبب ظروف سياسية واقتصادية خلّفها الاحتلال وهذا يؤدي إلى استخدام الضرب كحالة طبيعية لهذه البيئة.
وأشار آخرون إلى أنه لا يوجد إجابة مقنعة وحقيقية على سبب استخدام الضرب سوى إجابة واحدة وهي الخلل في العقلية والذهنية التي تفشل في الإقناع بل تفقد القدرة على ذلك فتلجأ لعضلاتها وعصيّها في الضرب والقمع والتهديد.
ودافع قسم من الأهالي عن الضرب، معتبرين أنه وسيلة هامة من وسائل التأديب وبدونها لن يتم ضبط العملية السلوكية للأبناء.
واعتبر مدير مدرسة برقين الثانوية هاشم عابد أن الدول الغربية التي ألغت الضرب أعاد الباحثون والعلماء فيها إعادة تقييمهم لاستخدام الضرب في المدارس، وضرورة استخدامه في بعض الحالات بعد استنفاذ جميع الوسائل الأخرى.
ولكن مدير المدرسة الأساسية شافع غانم أشار إلى أن الضرب يجب أن يبقى استثناءا في كل الحالات، وهناك محاذير كثيرة في الإسلام للضرب، فالضرب على الوجه محرم وكذلك الضرب المؤذي، وطالب بعلاقة إيجابية بين الأهل والطالب والمعلم.
وخرج اللقاء بجملة توصيات أهمها: تعزيز آليات التواصل بين الأهل والمدرسة حتى تكتمل حلقات العملية التعليمية، وعمل لقاءات للأمهات في مدارس الذكور، وهي عادة غير دارجة، فمن المتعارف عليه أن الآباء يسألون عن أبناءهم في مدارس الذكور، والأمهات يسألن عن بناتهن في مدارس الإناث.
وكذلك العمل على ممارسة الحوار داخل الأسرة من خلال إشراك الأبناء في التخطيط لشئون الأسرة، وتعزيز ثقافة المصارحة مع الأبناء من خلال ممارستها منذ الصغر حتى يسهل تطبيقها في الكبر.