المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان- يصادف يوم غد الموافق 25 نوفمبر 2011، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء ، وهو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1999 سعيا منها لوضع حدٍ للعنف الممارس بحق النساء في مختلف أنحاء العالم، ودعت فيه الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى زيادة الوعي بهذه الظاهرة .
وتكمن أهمية هذا اليوم في الوقوف على ما تم انجازه في مجال التصدي لظاهرة العنف الممارس ضد النساء وما يجب انجازه من خطوات إضافية في هذا المجال.
ويحل هذا اليوم فيما تتواصل معاناة النساء الفلسطينيات المستمرة منذ عشرات السنين جراء العنف الممارس بحقهن بفعل ممارسات الاحتلال والانتهاكات التي يقترفها على نطاق واسع بحق المدنيين الفلسطينيين، عدا عن العنف الممارس عليهن من قبل المجتمع الفلسطيني المحلي، الذي يمارس أشكالا مختلفة من العنف البدني والنفسي بحق النساء بفعل الموروث الثقافي والاجتماعي.
فعلى صعيد العنف الممارس من قبل الاحتلال وممارساته، وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مقتل ( 3 ) نساء في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال العام 2011، وإصابة 35 امرأة. فبتاريخ ا يناير، قتلت المواطنة جواهر أبو رحمة، 35 عاماً، جراء استنشاقها الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها فوات الاحتلال الإسرائيلي على المشاركين في التظاهرة السلمية التي نظمها نشطاء محليين ودوليين ضد استمرار أعمال البناء في جدار الضم (الفاصل) قرب بلعين, غربي مدينة رام الله. وبتاريخ 8 ابريل، قتلت المواطنة نجاح حرب سالم قديح، 41 عاماً، وابنتها نضال إبراهيم حمدان قديح، 19 عاماً ، كما أصيبت ابنتيها نداء، 18 عاماً، وفداء، 15 عاماً، بجراح خطيرة، جراء قصف طائرة حربية إسرائيلية منزلها في قرية عبسان الكبيرة، شرق خان يونس.
كما ينعكس استمرار التدهور في أوضاع حقوق الإنسان والأوضاع المعيشية لسكان الأراضي الفلسطينية بشكل اكبر على حياة النساء الفلسطينيات وبشكل خاص في قطاع غزة، إلى جانب استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يحول دون تمتع آلاف النساء بمستوى معيشي ملائم، مما تسبب في تفاقم أزمتي الفقر والبطالة، الأمر الذي انعكس على حياتهن الاجتماعية بشكل كبير وأدى إلى تفاقم العنف المحلي الممارس ضدهن.
أما على صعيد العنف الممارس ضدهن في المجتمع المحلي فقد وثق المركز خلال العام 2011 مقتل (3) نساء في قطاع غزة والضفة الغربية في إطار حوادث الفلتان الأمنى وسوء استخدام السلاح.
وقد شهد العام 2011 تطورا واضحا في آليات وضع حد للعنف الممارس من قبل المجتمع المحلي وبالأخص جرائم القتل على خلفية ما يسمى بالشرف. ففي يوم 15 مايو 2011 أصدر الرئيس محمود عباس قراراً بقوة القانون من شأنه إلغاء الأحكام المخففة بحق مرتكبي الجرائم على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة". وبموجب القرار، تلغى المادة (340) من الفصل الأول من الباب الثامن من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، النافذ في الضفة الغربية. كما ينص القرار على تعديل نص المادة (18) من قانون العقوبات الفلسطيني رقم (74) لسنة 1936، النافذ في قطاع غزة، بحيث تضاف في آخر المادة عبارة (ولا يشمل ذلك جرائم قتل النساء على خلفية "شرف العائلة".)
وقد رحب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في حينه بالقرار، وأعرب عن أمله في أن يكون هذا القرار خطوة في إطار مكافحة هذه الجرائم التي يستفيد مرتكبوها من الحصانة الممنوحة لهم من خلال تنفيذ أحكام مخففة بحقهم، وهو ما ساهم في تفشيها في المجتمع الفلسطيني على مدى العقود الماضية، وفتح الباب أمام أخذ القانون باليد وتقويض مبدأ سيادة القانون.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وعلى ضوء تواصل معاناة النساء الفلسطينيات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة يؤكد على الحاجة إلى وضع حد للعنف الممارس ضد النساء، ويدعو:
1- المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل باتجاه احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ووضع حد لانتهاكاتها المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم النساء.
2- المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإجبار إسرائيل على رفع الحصار عن قطاع غزة، وتمكين سكانه بمن فيهم النساء من التمتع بحقوقهم التي كفلتها القوانين الدولية.
3- السلطة الفلسطينية لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لوضع حد لمظاهر العنف الداخلي
4- تضافر وتوحيد الجهود الحكومية ومنظمات المجتمع المدني من اجل وضع حد للعنف الممارس ضد النساء في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.
5- كما يأمل المركز، ومع أجواء المصالحة الحالية، بأن يستأنف المجلس التشريعي عمله مجدداً، وأن يضع على سلم أولوياته سن قانون عقوبات فلسطيني موحد يتماثل مع روح وجوهر القانون الأساسي الفلسطيني بما يكفله من حقوق وحريات للمرأة ومع ما كفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان.