أرغمت عشرات العائلات البدوية، من عشيرة الكعابنة، على إخلاء تجمع عين سامية البدوي، المقام منذ 40 عاما على أملاك خاصة لأهالي كفر مالك ومسجلة في الطابو، بموجب ترتيبات واتفاقات مع أصحاب الأراضي. يقع التجمع على بعد حوالي 17 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله.
خاضت عائلات التجمع معارك قانونية متواصلة خلال العقد الأخير، ومنذ تكثيف إجراءات الهدم والترحيل الاحتلالية في المنطقة المصنفة ج، حيث تلقت كل عائلة عدة اخطارات بالهدم، وكان آخرها مبنى المدرسة الوحيدة، الذي خاض الأهالي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومركز القدس للمساعدة القانونية معركة مكثفة لحمايتها، تخللتها أربعة التماسات مختلفة للمحكمتين المركزية والعليا الإسرائيليتين منذ شتاء 2022، حتى صدور قرار نهائي بهدم المدرسة.
تعرض التجمع لحملات ضغط إضافية جراء الاعتداءات العنصرية للمستعمرين المتطرفين، الذين أنشأوا أربع بؤر رعوية على التلال المحيطة بالتجمع، ونظموا حملات مركزة من الملاحقة والتهديد وتقليص مساحات الرعي، كان آخرها السطو في وضح النهار، بمشاركة قوة من شرطة وجيش الاحتلال على 40 رأس غنم، ادعى أحد المستعمرين أنها مسروقة منه.
ورغم فشل المحاولات الرسمية لترحيل التجمع بإصدار ما يسمى الإدارة المدنية للاحتلال، أوامر هدم للمنشآت التي يقيمون بها، وقدرتهم على الصمود رغم ذلك، إلا أن التهديدات لحياتهم ولأملاكهم ولحرية أبنائهم اضطرهم لتفكيك منشآتهم والرحيل، وهذا ثالث تجمع يرغم على الرحيل بعد تجمع رأس التين البدوي وتجمع آخر في المعرجات، تم ترحيلهم بعد استهداف قطعان وعصابات المستعمرين لهم في الليل والنهار، وإحراق منشآتهم وحتى علف حيواناتهم، في تطور لافت لمستوى التنسيق العالي بين الإدارة المدنية وزعامات المستعمرين، الذين منحوا موازنات وصلاحيات لمراقبة ووقف البناء الفلسطيني في المنطقة ج.
وأصبحت المنطقة موطنا لعشرات البؤر الرعوية الممتدة على مساحات متفرقة، تضايق الرعاة والبدو وحتى المارة ممن يستخدمون طريق المعرجات، ومسارات المشي للمتنزهين. وفي حين أن عديد البؤر مقامة بطرق غير قانونية حتى بموجب أنظمة الاحتلال، فإن أيا منها لم يتعرض للهدم، بل وتجري جريمة هادئة لشرعنة تلك البؤر كنتاج للتواطؤ والشراكة بين جيش وشرطة الاحتلال وعصابات الرعب التي تخلق بيئة قسرية تهدد الوجود الفلسطيني في المنطقة المصنفة ج.
يطالب مركز القدس للمساعدة القانونية بتدخل الأمم المتحدة لحماية التجمعات البدوية، باعتبارهم لاجئين محميين يجب عدم إخلائهم إلا للعودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هجروا منها. كما يطالب الهيئات الدولية والبعثات الدولية العاملة في فلسطين بإثارة هذه القضايا مع عواصم القرار للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف جرائم التهجير القسري باعتبارها جرائم حرب، لخرقها الفاضح للقانون الإنساني الدولي وخاصة اتفاقية جنيف بشأن التهجير القري وحماية المدنيين في زمن الحرب.