مثقفون فلسطينيون يشيدون بافتتاح متحف التراث الشعبي الفلسطيني

* سالم:ـ  تراثنا يتعرض لمحاولات سرقة من الاحتلال والمتحف هو إثبات حق لكل فلسطيني.
* الحجار:ـ جداريات المتحف تبرز حقبات تاريخية وبطولات جسدها شعبنا خلال محطاته النضالية ضد الاحتلال والغزاة.
* عسقلاني:ـ نمتلك تراثاً غنياً ومن حقنا الاعتزاز به وتوثيقه والحفاظ على الذاكرة الشعبية الفلسطينية.
* نصار:ـ التراث هو موروثنا وهويتنا وارتباط بين القديم والجديد والجذور التي نتكئ عليها في هذا الظرف الصعب.
* أبو حمادة:ـ الهوية الفلسطينية تتعرض لمحاولات شرسة من الاحتلال الصهيوني لمسخها.
* حجو:ـ المتحف إضاءة رائعة عن تاريخ الشعب الفلسطيني وانتماؤه وتحذره في الأرض.
* البياري:ـ  تمسك شعبنا بتراثه هو تمسك بهويته الوطنية والبوصلة الصحيحة باتجاه أهدافه.
 
 تقرير/ محمد المدهون.
التراث الشعبي الفلسطيني يعكس هوية الشعب وتاريخه وحضارته، ويحكي قصة الإنسان الفلسطيني المبدع منذ أمد بعيد، ويبرز محطاته المضيئة والآلام والمعاناة التي عايشها، وهو دليل واضح على كذب الصهاينة ومحاولاتهم المتكررة تزييف التاريخ، لذلك عمدوا على سرقة هذا التراث، وحاولوا تجييره لهم، لكن السؤال يبقى.. كيف يمكن حماية التراث الفلسطيني من الاندثار ومن محاولات السرقة والتزوير ؟ وهل المتاحف تلعب دوراً في الحفاظ على هذا التراث وحمايته وإطلاع الأجيال عليه ؟.. في غزة افتتح مؤخراً متحفاً هو الأول من نوعه للتراث الشعبي الفلسطيني، بجهود مجموعة من الشاب الذين أخذوا على عاتقهم إبراز هذا العمل إلى حيز الوجود بجهودهم الذاتية، "البيادر السياسي"  قامت بزيارة إلى هذا المتحف وتجولت في أرجائه المختلفة، واطلعت على جوانبه المختلفة.
إثبات حق
جمال سالم رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون والتراث الشعبي التي أقامت المتحف أكد أن المتحف يهدف إلى تطوير قدرات الشباب في النواحي الثقافية والفنية والتراثية، حيث جاء افتتاحه في يوم التراث الفلسطيني الذي يصادف السابع من تشرين أول/ أكتوبر العام الجاري، وتحت شعار القدس عاصمة الثقافة العربية، مشيراً إلى أن المتحف يتضمن مختلف جوانب التراث الشعبي الفلسطيني، من بينها البازار الفلسطيني والمعروضات والمشغولات والحرف اليدوية، مثل النسيج والفخار والتحف والمطرزات والأواني الفخارية والنحاسيات والفنون التشكيلية وعمل خبز الطابون، بالإضافة إلى العديد من الفقرات الفنية واللقاءات الثقافية.
وهنأ  سالم في حديثه لـ"البيادر السياسي" شعبنا الفلسطيني وشبابنا الموهوبين والقادرين على إحياء مواهبهم وقدراتهم في إنجاز متحف للتراث الشعبي الفلسطيني، وأضاف أن هذا المتحف هو حضينة كل شاب وشخص موهوب لديه القدرات لإبراز مواهبه وقدراته من أجل أن يكون هو المركزية الأساسية لهذا المكان، معرباً عن أمله أن تكون الخطوة القادمة ملتقى كافة الشباب الموهوبين، وأن يكون لهم القسط الأكبر من أجل تفريغ طاقاتهم وإبداعاتهم الثقافية والفنية والتراثية من خلال هذا المكان، وأضاف أن المتحف الفلسطيني هو لكل زائر فلسطيني حتى يتعرف على عاداته وتقاليده وثقافته الفلسطينية، وهو إثبات حق لكل فلسطيني، وإنشاء الله يكون هو البداية لتوليد أكثر لنجاح أكبر.
وأوضح سالم أن المتحف أقيم بمجهودات ذاتية، ولم تحصل الجمعية على أي دعم مالي من أي جهة كانت، وقال: بإمكاناتنا الذاتية استطعنا أن نبرز من خلالها هذا النجاح، فهذه هي البداية لإنجاح مشروع قرية سياحية سنقيمها، معبراً عن أمله في إيجاد جهة داعمة، أو احتضان من الجهة الرسمية ممثلة في السلطة الوطنية، بحيث تباشر في تدعم هذا المشروع الذي هو مشروع وطني يهتم في مجال أعمالنا ونشاطاتنا وحرفتنا التراثية التي بدأت تنقرض وتزول من عاداتنا وتقاليدنا، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسرق هذا التراث، وأضاف: من واجبنا كجمعية العمل على تطوير هذه الحرف وتدريب الشباب، وتنمية قدراتهم في هذا المجال لإعادة صياغة المشغولات الحرفية والحفاظ عليها، موضحاً أنه ستعقد دورات لتأهيل الشباب حتى يكون لهم فرص يستفيدوا منها تتعلق بالتراث، معرباً عن أمله أن يكون هذا المتحف هو الركيزة لكل شاب فلسطيني يستفيد من خلاله. 
حقبات تاريخية
ومن جانبه قال الفنان التشكيلي بسام الحجار الذي قام برسم ونحت جداريات المتحف أنه بدأ بتنفيذ هذا المتحف قبل نحو ستة أشهر، وهو افتخار لشعبنا، وإثبات لحقه من الضياع، وله أبعاد سياسية وفنية واجتماعية، وأضاف الحجار لـ"البيادر السياسي" أن الجداريات التي قام برسمها تجسد محطات تاريخية عايشها شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من مائتي عام حتى يومنا هذا، وتشمل حقبات تاريخية وبطولات جسدها شعبنا خلال محطاته النضالية ضد الاحتلال والغزاة، بالإضافة إلى تراث شعبنا وثقافته، وقدم الحجار شرحاً لما تتضمنه هذا الجداريات، مشيراً إلى أنها تتحدث عن المعارك التي حدثت في فلسطين، منها معركة حطين وما بعدها، والبطولات التي خاضها الناصر صلاح الدين ودفاعه عن القدس، كما تتحدث اللوحات حول السوق الفلسطيني في بداياته والقبان والنحاس وغيره، معبراً عن فخره بما قدمه في هذا المتحف الذي رأى فيه متنفساً له للتعبير عما يجول بخاطره من أفكار.  
 
ثقافة المتاحف
 وأثناء التجوال في أرجاء المتحف  التقت" البيادر السياسي" الأديب غريب عسقلاني الذي أبدى إعجابه الشديد بالمتحف، وأكد على أهميته في هذا الوقت بالذات، مشيداً بالجهود التي بذلها القائمون على المتحف في إقامته وإبرازه إلى حيز الوجود، ورأى عسقلاني أن مبادرة بهذا الحجم وبأقل قدر من الاستعدادات والدعم، وبالمبادرات الذاتية هو شيء يشكر ويشكل نواة، لأن غزة فقيرة بالمتاحف، كذلك فإن ثقافة المتاحف لا تزال محدودة، وأشار عسقلاني إلى زيادة الوعي الجماهيري بقيمة المتحف والتراث، معتبراً أنها قيمة حضارية، متمنياً أن تتسع هذه الأمور بمستوى الضائقة الشعبية، بحيث تتذوق طعم الحياة، وقال: يجب أن نخرج من دائرة الصراع والمواجهة اليومية إلى دائرة البحث عن الأشياء المضيئة في حياتنا، مؤكداً أننا نمتلك تراثاً غنياً ومن حقنا الاعتزاز به وتوثيقه والحفاظ على الذاكرة الشعبية الفلسطينية لأنها جزء من هويتنا، وأضاف: أن المبادرة بالإمكانيات المتاحة جميلة جداً ومتمنيا لهم التوفيق.
وأشاد عسقلاني باقتناء المتحف على المقتنيات التراثية وتطوير الفن الشعبي والحفاظ على الحركة المنقرضة ومحاولة إضفاء لمحة جمالية فنية معاصرة عليها، بمعنى عصرنة التراث، وهذا يحقق له انتشاراً ويحافظ على قيمته التراثية، مشيراً إلى أن المقتنيات التراثية شيء والتعامل مع التراث بروح العصر شيء آخر، متمنياً أن تجد هذه الخطوة من المختصين ما يطورها ويفعلها ويساهم في إيجاد جيل جديد من الفنانين المبدعين يستثمروا هذا الجهد الفني بشكل اقتصادي، حيث من الممكن أن يطور في مدخول الأسر المحدودة أو يخلق مشاريع ريادية جديدة.
خطوة أولى
أما الأديب محمد نصار فقد عبر عن إحساس وانطباعات جيدة لما شاهده في أرجاء المتحف، وقال لـ"البيادر السياسي": إحساسي وانطباعي جميل جداً عن هذا المشروع القيم والجهد المتميز الذي قام وبادر به مجموعة من الشباب في هذا الظرف الصعب، والوضع القاسي من حصار وأشياء كثيرة تطالنا، وأضاف: ما شاهدناه هو شيء جميل ومعبر، لافتاً إلى أن المكان جميل ومتسع وترتيب المتحف وتنظيمه جيد، وقال: صحيح أنه ليس كل ما نطمح إليه، لكن نتمنى أن تكون هذه خطوة أولى تتطور في المستقبل.
وشدد نصار على أهمية هذه المتاحف في إحياء التراث الشعبي الفلسطيني، مؤكداً أن التراث هو موروثنا وهويتنا كفلسطينيين، مشيراً إلى أننا الشعب الوحيد المهدد في هويته، وأنه شيء جميل أن نبحث عن تراثنا ونرسخه ونجسده ونحييه، وأوضح أنه ارتباط بين القديم والجديد والجذور التي نتكئ عليها في هذا الظرف الصعب.
بذور إيجابية
وبدوره عبر الأديب الدكتور عاطف أبو حمادة عن سعادته بهذا المتحف، وقال لـ"البيادر السياسي" أنه في ظل هذه الظروف الحرجة والصعبة يتم افتتاح مركز من هذه النوعية، وهو يعتبر مركز مشرف للحفاظ على التراث الفلسطيني في الوقت الذي تقابل فيه الهوية الفلسطينية محاولات شرسة من الاحتلال الصهيوني لمسخها، مؤكداً أن هؤلاء الشباب والرجال الذين أقاموا المتحف يحاولون الحفظ على الهوية والتراث الفلسطيني كمعلم بارز من معالم الهوية الفلسطينية.
هذا ورفض حمادة الحديث حول جوانب القصور في المتحف، وقال: أنه لو ذهبنا إلى أي متحف سنجد فيه جوانب قصور، لكن سنتحدث عن البذرة الايجابية التي بذرها هؤلاء الشباب، مؤكداً أن الجميع مطالب بالوقوف مع هؤلاء الشباب لكي يصبح متحفاً نرضى عنه جميعاً، وأن كل النواقص ستكتمل إذا وقفنا معهم ودعمناهم ووضعنا إمكاناتنا في متناول يدهم، مؤكداً أن هذه المتاحف تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على تراثنا، لافتاً إلى أن التراث الفلسطيني معرض للسرقة والنهب والتزوير، وأن هذه المتاحف تبقي الطفل والشاب الفلسطيني الذي لم يعش في فلسطين الوطن الأم السليبة على اتصال مع تراثه من خلالها، ومن خلال بعض المعايشة اليومية في المنزل.
إضاءة رائعة
أما الدكتور طارق حجو رئيس بلدية الزهراء فقد رأى أن هذا المتحف هو إضاءة رائعة عن تاريخ الشعب الفلسطيني وانتماؤه وتجذره في الأرض وحقيقة التصاقه بها، وقال حجو لـ"البيادر السياسي" أن هذه الإضاءة تنم عن تطور هذا الشعب والمراحل التي مر بها في حياته، ويعبر عن محطات كانت سيئة في حقه وتاريخه، ولكن جعل منها إضاءات ومنارات للتطور والإبداع وإثبات الذات أمام كل ادعاءات إسرائيل التي وصلت بها الوقاحة أن تسرق التراث الفلسطيني وتعرضه للأوروبيين، وخلص حجو للقول أن المتحف عمل رائع ويجب أن يعتد به، ولفت إلى الإقبال الجماهيري الذي شهده المتحف، وطبيعة اللوحات الجدارية التي تعبر عن تسلسل تاريخي لتطور الشعب الفلسطيني، وهذا يؤكد رغم إدعاءات الاحتلال انتماء هذا الشعب بمحيطه العربي والإسلامي، حيث غطى المتحف مختلف جوانب التراث الشعبي الفلسطيني وبشكل جيد ورائع، ولفت حجو إلى أنه يعتبر إنجازاً، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها، منوهاً إلى مشروع القرية السياحية التي ستقام في مدينة الزهراء والتي تعتبر إنجازات ثقافية وحضارية تعبر عن تاريخ الشعب الفلسطيني وتراثه الفكري والثقافي والحضاري.
عرس ثقافي
ومن جانبه قال الشاعر رزق البياري أنه حينما يتم افتتاح بيت للثقافة ومتحف للتراث الوطني الفلسطيني في ظل هذه الظروف، وفي وجود حشد كبير من الجمهور الفلسطيني ونخبة من الكتاب والأدباء والمثقفين والفنانين، فإن هذا يعتبر يوماً مشهوداً ومميزاً، متمنياً أن ينجح هذا العرس الثقافي، ورأى البياري في حديثه لـ"البيادر السياسي" أن الإقبال الجماهيري على المتحف يدلل على عطش الجمهور الفلسطيني لوجود متنفسات ثقافية، وتعلق الشعب الفلسطيني بالتراث، وأضاف: نحن كمثقفين وأدباء نشارك في إحياء التراث من خلال المشاركة في هذا المتحف، ونؤكد أن الشعب الفلسطيني طالما بقي متمسكاً بتراثه، إذاً هو يتمسك بهويته الوطنية والبوصلة الصحيحة باتجاه أهدافه الوطنية.
وأشار البياري غلى النخبة التي توافدت على المتحف والتفاعل الجماهيري، وكذلك المؤسسات المختلفة التي لها علاقة بالتراث والأشغال اليدوية والتطريز والنسيج والمعجنات، والطبخات الشعبية الفلسطينية والحشد من الفنانين التشكيليين والمغنين والشعراء والأدباء، حيث نعتبر هذا اليوم بمثابة عرس حقيقي للثقافة الفلسطينية يأتي ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية ويأتي في يوم إحياء التراث الوطني الفلسطيني، مؤكداً أن إحياء التراث الفلسطيني هو رد حقيقي للجميع يؤكد أن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون موحداً وله أهدافاً واحدة.
* المصدر/ مجلة البيادر السياسي.
* العدد /980
* التاريخ 28/10/2009
 
 
Governorate

href="http://statcounter.com/" target="_blank"> class="statcounter"
src="//c.statcounter.com/7777687/0/e4135b25/1/" alt="web
analytics">