أكد رئيس الوزراء د.سلام فياض على أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الجمعيات الأهلية الخيرية التي تشكل ركناً أساسياً للعمل الأهلي، وأشار إلى دعم السلطة الوطنية ومساندتها للعمل الأهلي والخيري، وشدد على أن تحقيق عملية البناء والتنمية المنشودة تتطلب تكامل جهد وطاقات المجتمع ومؤسساته الرسمية والأهلية، وتتطلب ترسيخ أسس الشراكة الحقيقية بين الحكومة وكافة مكونات المجتمع بما في ذلك مؤسسات العمل الأهلي على أساس تكامل الأدوار لتنفيذ العمل وتوزيع المسؤوليات بشكل لا يمس بخصوصية واستقلالية العمل الأهلي، وقال: 'هذا ما تم التأكيد عليه في وثيقة عمل الحكومة، وأشار إلى أهمية مأسسة الشراكة بين المؤسسات الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني بهدف تعزيز التكامل وتحمل المسئولية'.
وشدد فياض على رفض السلطة الوطنية لتسييس المساعدات، وأياً من أشكال الرعاية الاجتماعية، أو اخضاعها للحسابات السياسية والفئوية، وأشار إلى أن السلطة الوطنية تدرك ومن خلال قناعتها التامة بالشراكة مع المؤسسات الأهلية، أن القيام بهذه المهمة الوطنية والاجتماعية، يتطلب استنهاض دور المؤسسات والجمعيات الخيرية، وتعزيز قدرتها على الاسهام في التصدي لاحتياجات الفئات الأقل حظاً، ودون أي تمييز، وقال: 'على امتداد سنوات طويلة شكلت الجمعيات الخيرية سنداً مهماً لدعم وتعزيز صمود أبناء شعبنا في مواجهة مخططات الاحتلال'، وأضاف 'تاريخيا، تمكنت مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات الاهلية الخيرية من الصمود والنمو والتطور وتعزيز قيم التطوع والريادية على الرغم من العقبات والظروف الصعبة التي كانت تعمل ضمنها، واستطاعت أن تثبت نفسها على كافة الصعد وتساهم في توفير الخدمات المطلوبة بقدر عال من المهنية حتى قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية'.
جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء د.سلام فياض في المؤتمر الوطني الأول للتعاون والشراكة بين الجمعيات الخيرية والحكومة، في مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والذي نظمه الاتحاد العام الفلسطيني للجمعيات الخيرية تحت شعار 'نحو تكاملية لبناء الدولة وإنهاء الاحتلال'، بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري، وعدد من قادة وممثلي مؤسسات المجتمع المدني.
وشدد رئيس الوزراء على أن ترجمة هذه السياسات العامة والشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وبما فيها الجمعيات الخيرية إلى برامج تنفيذية، يتطلب تحديد السياسات القطاعية كخطوة أولية. وأشار الى أنه ولهذه الغاية تم تحديد أربعة قطاعات مركزية تتكامل لتشكل الصورة الكلية للسياسات وللتدخلات المطلوبة لبناء الدولة. وهذه القطاعات هي قطاع الحكم، قطاع التنمية الاجتماعية، قطاع التنمية الاقتصادية، وقطاع البنية التحتية. ومن هذا المنطلق، تؤمن الحكومة بضرورة الشراكة والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في القطاعات المختلفة، والتي تتقاطع أنشطتها وأهدافها مع أنشطة وأهداف الحكومة. فأهداف الحكومة هي نفسها الأهداف التي يتوق الشعب الفلسطيني بكل فئاته إلى تحقيقها، وبالتالي فإن استراتيجية التنفيذ تشمل تعزيز المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني كافة، بما فيها المنظمات الأهلية والقطاع الخاص.
وأكد فياض على أنه وفي إطار سعي السلطة الوطنية لتعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني اتخذت الحكومة قراراً استراتيجياً بالإعلان عن تشكيل المجالس الاستشارية لكافة الوزارات والمؤسسات الحكومية بمشاركة المؤسسات الأهلية والخبراء والأكاديميين وذوي الاختصاص في وضع السياسات العامة لكافة القطاعات، الأمر الذي يمكن ليس فقط من تعزيز المشاركة في صنع السياسات وتحديد الأولويات، بل وتعزيز الرقابة الشعبية على عمل الوزارات والمؤسسات.
واعتبر رئيس الوزراء أن هذه الخطوات ستشكل على المدى البعيد، نواة لآلية مشاركة وتمكين مؤسسات المجتمع المدني من المشاركة في إعداد الخطة الوطنية الشاملة للتنمية كما الخطط التنموية القطاعية، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة وجود فاعل لمشاريع وبرامج المجتمع المدني ضمن البرامج التنموية الوطنية، وشدد على ضرورة الاستثمار في بناء وتعزيز قدرات المنظمات الأهلية وتطوير كوادرها البشرية كإستراتيجية أساسية لتنمية وضمان استمرار عمل هذه المؤسسات وتقديم خدماتها للمجتمع الفلسطيني بكافة فئاته ومناطق تواجده، وبخاصة المناطق المهمشة والمهددة من الجدار والاستيطان.
وتطرق رئيس الوزراء خلال كلمته للوضع الخاص لمدينة القدس، وقال: 'حسب خطة الحكومة لإنهاء الاحتلال وبناء المؤسسات، فإننا نعمل بإلتزام كامل للدفاع عن عروبة القدس ومكانتها وفي توفير كل ما هو ممكن لتحقيق ذلك'، وأشار إلى أن الحكومة ستعمل وفي إطار سعيها لتعزيز صمود أهالي القدس من خلال التنسيق والتعاون التام مع جميع المؤسسات الوطنية الفلسطينية والفعاليات المختلفة في مدينة القدس، وستواجه بكل إمكانياتها سياسات الاحتلال، وستستمر بالعمل إقليمياً ودولياً لفضح ووقف هذه السياسات، وفتح ودعم المؤسسات الوطنية العاملة هناك، وتنشيط مختلف مناحي الحياة التعليمية والصحية والاقتصادية والثقافية والسياحية، بالاضافة إلى تعزيز دور المؤسسات الوطنية في المدينة، بما يغطي مختلف مناحي حياة المواطنين، وبما يمكّن السلطة الوطنية من التعرف بشكل دقيق وواقعي على الاحتياجات المباشرة وبالتالي تحديد آليات الدعم والمساندة من خلال اشراك كافة المؤسسات الوطنية العاملة هناك.
وفي ختام كلمته، أكد رئيس الوزراء على دور الاتحاد العام للجمعيات الخيرية كونه يشكل أحد مرتكزات العمل الأهلي، كما أنه يمثل واحداً من الأطر الذي تنضوي تحته مئات من الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقال: 'على الاتحاد مسئولية تفعيل دور الجمعيات المنضوية في إطاره، والمساعدة في تطوير عملها وبناء قدراتها في مجال الحكم الرشيد والديمقراطية، لأخذ دور مهم وفعال في عملية البناء'، وأضاف 'لمؤسسات العمل الأهلي دور في تنفيذ برنامج عمل الحكومة، والذي يرتكز بجوهره على ترسيخ أسس الحكم الرشيد والشراكة في كافة المجالات، ولذلك ينبغي العمل على بناء مؤسسات وطنية قادرة على تقديم أفضل الخدمات لتعزيز صمود المواطنين في كافة المناطق، وتلبية احتياجاتهم الأساسية والتنموية، وبالتالي قدرتهم على المساهمة في بناء دولة فلسطين المستقلة، التي تكرس المواطنة وروح الانتماء والمشاركة ومبادئ العمل التطوعي، وكل القيم السامية التي تعبر عن أصالة شعبنا وتوقه لقيم الحرية والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وأكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة ماجدة المصري على أهمية الدور الذي لعبته مؤسسات المجتمع المدني وبخاصة الجمعيات الخيرية في توفير الدعم والثبات للمواطنين خلال سنوات الاحتلال وفي مواجهة سياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى القضاء على العمل المجتمعي والأهلي والتطوعي .وأشارت إلى أهمية هذا الدور بدءا من عام 1948 (النكبة) حيث لعبت هذه الجمعيات دورا هاما على الصعيد الاغاثي والصحي.
وقالت 'إن الحكومة الحالية تعتبر أمر الشراكة داخل القطاعات احد مرتكزات العمل الأساسية
لعمل الحكومة كذلك الحال بالنسبة لوزارة الشؤون الاجتماعية التي بدأت عمليا في تنفيذ الشراكة في وقت مبكر وبالتحديد منذ شهر حزيران من العام الماضي 2009'.
واعتبرت المصري الدعوة إلى تشكيل مجالس استشارية للقطاعات الاجتماعية أمر في غاية الأهمية.
وتابعت 'إن ذلك لا يعني السيطرة على عمل الجمعيات الخيرية بل الاعتراف بالشراكة والاعتراف أيضا بالتعددية وبشراكة الوصول إلى توافق مجتمعي ووطني حول سياسات قطاع الحماية الاجتماعية ومن اجل توفير الحماية للفئات الاجتماعية والفقيرة والمهمشة في المجتمع وكذلك من اجل التدخل لحمايتها'.
وقال المحامي فهمي شلالدة رئيس الاتحاد العام للجمعيات الخيرية، إن عمل الجمعيات كان له عظيم الأثر في ظل الاحتلال، لصمود شعبنا حتى اليوم، وهي شريك مع السلطة الوطنية في البناء.
وأَضاف أن حضور رئيس الوزراء د.فياض يدل على التزامه ببرنامج إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال، وهو برنامج يستدعي كل الطاقات لدعمه، وهذا المؤتمر هو بداية التعاون، لدعم مساعي الحكومة في بناء مؤسسات الدولة.
وأوضح أن الألفية الثالثة هي ألفية منظمات المجتمع المدني، مؤكدا أن عمل الجمعيات الخيرية يجب أن يتم بشفافية مطلة، وبتعاون مع منظمات العمل الرسمي.
ورأى أن مشكلة عمل المنظمات في زيادة وتكمن في نقص الدخل الثابت، والحل يكمن في العمل التطوعي للشباب.
وطالب شلالدة بالعمل على رفع الموازنات الخاصة بالجمعيات، وتعديل بعض القوانين الخاصة في تأسيسها، لدعم العمل الاجتماعي الخيري في فلسطين.
بدوره، قال مستشار الاتحاد جهاد عبدو إن برنامج الحكومة يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 بعاصمتها القدس، بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن برنامج الحكومة ينسجم مع رؤية كل الجمعيات، التي بدورها تدعم صمود المواطن على الأرض بوجه السياسات التعسفية الإسرائيلية.
وأوضح أن الحكومة عززت منهج التخطيط، وبناء نظام حماية اجتماعي تدعمه وزارة الشؤون الاجتماعية، والاتحاد العام، مشددا على ضرورة خلق بيئة مشجعة لإيجاد خطة تضمن إشراك الجميع فيها، لتشمل وحدة المفاهيم، وتوحيد منهجية العمل.