أطلق منتدى شارك الشبابي "تقرير الشباب المرحلي للعام 2011"، رياح التغيير ... هل ستدك جدران القهر تحت شعار استفساري "ماذا يقول الشباب، وماذا سيفعلون؟" ، عندما يعجز الجميع عن إنجاز المصالحة والعودة للوحدة الوطنية، وعندما يختزل ويقسم الوطن بين أبناءه إلى جزئين، والثالث دولة للاحتلال، وعندما تكمم الأفواه وتقمع الحريات وتنتهك الحقوق، في محاولة جادة لقراءة مواقف الشباب وآراءهم حول قضايا الساعة ، جاء ذلك خلال الحفل الذي نظمه منتدى شارك الشبابي في مقره بمدينة رام الله بمشاركة الدكتور صبري صيدم مستشار الرئيس لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووسيم أبو فاشة الباحث الرئيسي والناشط في الشؤون الشبابية، وجميل رباح مدير عام الشرق الأدنى للاستشارات والدراسات، ونجوان بيرقدار مسؤولة برنامج مناصرة قضايا الشباب في منتدى شارك الشبابي ، حيث افتتح الحفل بدر زماعرة بكلمة رحب فيها بالحضور وأعلن عن إطلاق التقرير مؤكد أن تقرير واقع الشباب للعام 2011 يجري العمل على إعداده ليشكل إطارا شاملا لقضايا وتحديات الشباب في فلسطين.
وأكد التقرير، الذي أعلن عن نتائجه اليوم، رفض أي استغلال للشباب، والزج بهم في المناكفات الحزبية، والعمل على الاستثمار في طاقتهم لتحقيق أهداف شعبهم، لا أجندات ضيقة وآنية لأي طرف كان، ربط نضال الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بنضال أقرانهم من شباب ال1948 وشباب الشتات، باتجاه العمل ضد الاحتلال وعنصرية إسرائيل، والعمل على تحصين الجبهة الداخلية بإنهاء الانقسام، والاتفاق بين جميع القوى السياسية والمجتمعية على أشكال المقاومة واستراتيجياتها.
وأظهرت نتائج استطلاع الرأي العام الذي تضمنه التقرير ونفذه منتدى شارك الشبابي وشركة الشرق الأدنى للاستشارات، بأن غالبية الشباب 62% لا يثقون بأي من الفصائل السياسية، فيما بلغت نسبة الثقة بحركة فتح 26%، وبحركة حماس 6%، وبباقي الفصائل مجتمعة 6%.
وأوضحت النتائج بأن الإنترنت يشكل مصدرا للمعلومات لدى أكثرية الشباب (44%)، وفي الدرجة الثانية تأتي القنوات الفضائية كمصدر رئيسي لمعلومات الشباب وبنسبة 31%، وان غالبية الشباب (74%) يتابعون الأخبار من خلال الإنترنت، إما بشكل دائم 33%، أو أحيانا 41%. وهذه النسبة أعلى لدى الشباب الذكور.
وأشارت الى أن غالبية الشباب (60%) يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك، حيث يستخدمها بشكل دائم 39% من الشباب، وأحيانا 21%. والنسبة أعلى بشكل عام لدى الشباب الذكور، وفي الضفة الغربية، وبين الذين يثقون بحركة فتح. وأفادت غالبية الشباب (58%) الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي أن هناك تغيرا في نوعية استخدامهم لهذه الشبكات خلال الشهرين الأخيرين.
وعبر غالبية الشباب (87%) عن اعتقادهم بقدرة هذه الشبكات على لعب دور فعال في إحداث التغيير. أما فعالية هذه الشبكات في مواجهة الانقسام والوضع الداخلي، فيعتقد 80% من الشباب بفاعلية هذه الشبكات (50% نعم، و30% إلى حد ما)، أما من جهة مواجهة الاحتلال فتنخفض النسبة قليلا لتصل إلى 75% (43% نعم، و32% إلى حد ما).
ويرى 45% من الشباب أن الثورات الشعبية العربية سيكون لها أثر إيجابي على القضية الفلسطينية. وتبلغ هذه النسبة بين الذين يثقون بحركة حماس 84%، وبين الفصائل الأخرى 56%، ولدى الذين يثقون بفتح 40%، وبين الذين لا يثقون بأي فصيل 42%.
ويدعم (48%) خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الفصائل. ويؤيد 28% من الشباب الجمع بين المقاومة الشعبية والمسلحة (وفق القانون الدولي)، يلي ذلك الجمع بين المفاوضات والمقاومة الشعبية لدى 21% من الشباب. أما إستراتيجية المفاوضات كسبيل وحيد لمواجهة الاحتلال فقد حظي بدعم 20% من الشباب، في حين يرى 18% أن الإستراتيجية الأنسب هي المقاومة الشعبية (بما فيها المقاطعة).
وعبر غالبية الشباب (67%) عن ثقتهم بالمؤسسات الشبابية والمجتمع المدني كجهات أكثر قدرة على التعبير عن حقوق الشباب ومصالحهم. في حين لم تحظ المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالشباب بتأييد أكثر من 16% في الضفة الغربية، و5% في قطاع غزة.
ويؤيد غالبية الشباب (80%) تشكيل حزب شبابي فلسطيني. وعبر غالبية كبيرة من الشباب (84%) أن القوى السياسية تسعى لاستغلال الحركات الشبابية الصاعدة. واعتبر 40% من الشباب أن الأولوية الرئيسية لهم إنهاء حالة الانقسام، وفي الدرجة الثانية عبر 31% من الشباب أن أولويتهم الحالية هي تحسين الظروف المعيشية. ويعرف 48% الشباب، أنفسهم بالدرجة الأولى كفلسطيني/ة، يلي ذلك مسلم/ ة لدى 31% من الشباب.
ودعت نتائج التقرير الى استلهام الثورات الشعبية العربية لشحذ الهمم لإعادة زخم المقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تهيئة الوسائل وتوحيد الجهود باتجاه حركة شعبية قادرة على الصمود في وجه الإجراءات الإسرائيلية القمعية.
وشددت على ضرورة التزام البرامج الحزبية والحكومية والمؤسسية برؤى الشباب وتطلعاتهم، استنادا لحوار عصري ديمقراطي يشارك فيه جميع الأطراف، وضرورة التزام المؤسسات الأهلية خاصة الشبابية، باستراتيجيات عمل طويلة الأمد تربط الهموم اليومية المعاشة للشباب بالحالة التنموية، والوطنية العامة.
ورفض التقرير كل مظاهر التدخل في برامج المؤسسات الفلسطينية الأهلية والحكومية، من قبل مجتمع المانحين، ما يستدعي أن تلتزم المؤسسات المانحة بالأجندة والأولويات الفلسطينية، بشقيها التنموي والوطني.
وأكد التقرير بأن الثورات الشبابية والشعبية أحدثت في العديد من البلدان العربية بدايات لخلخلة في الحالة القائمة، حيث أعادت جزءا كبيرا من ثقة الجمهور الفلسطيني بقدرته على إحداث تغيير في الواقع القائم فلسطينيا، كما أحدثت صحوة للضمير الجماعي الفلسطيني الذي استفاق على حقيقة أن الدور الذي كان الفلسطينيون يحلمون به، بأن تشكل ثورتهم (سابقا) مصدرا لإلهام الثورات العربية، بات معكوسا، إذ أصبحت هذه الثورات العربية مصدرا لإلهام قطاعات واسعة من الشباب الفلسطيني، الذي ارتفعت لديه معطيات الإحباط من الحالة القائمة، خاصة إزاء حالة الانقسام السياسي، وانحسار الفعل المقاوم للاحتلال.
وفي هذا السياق، بدأت العديد من المجموعات الشبابية بعدد من التحركات سواء عبر مواقع الإنترنت، أو عبر الاجتماعات والتنسيق بين المؤسسات والمجموعات الشبابية المختلفة، وبرغم تعدد الشعارات، إزاء تعقيد الحالة الفلسطينية، إلا أن هناك عنوانين رئيسيين للحراك الشبابي الفلسطيني: الأول: يتخذ من إنهاء الاحتلال أساسا لتجاوز الواقع الحالي بكل تداعياته الداخلية، حيث لوحظ أن تصاعدا نوعيا في الحديث عن المقاومة الشعبية، والتمسك بالثوابت الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، ودعم الحملات الدولية لمقاطعة إسرائيل، وصولا لطرح الزحف الشعبي السلمي تطبيقا لحق العودة.
والثاني: الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وعلى رأسها حالة الانقسام، حيث تنوعت الصياغات الشعبية والشبابية للخروج من حالة الانقسام وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إلا أن هناك ثمة إجماع على وحدة الشرعية الفلسطينية، والتمثيل الفلسطيني، وأهمية الانعتاق من إرث المحاصصة السياسية.
وبحسب التقرير فانه أيا كانت نتيجة التحركات الشبابية الحالية، فمن الواضح أنها ستسهم في تحريك المياه الراكدة، وإعادة الزخم للفعل الشعبي والإرادة الشعبية، إذ تكاد تجمع معظم الشعارات المطروحة على أن حق تقرير المصير يمثل الأساس المستقبلي للتعامل مع الاحتلال، ومع اختطاف الشرعية من الشعب لصالح أي فصيل أو جهة كانت.
وحث التقرير قادة الأحزاب وصناع القرار الالتفات إلى المطالب الشبابية، ورؤيتهم لقضاياهم المجتمعية والوطنية، وتوفير الأطر القانونية والمؤسسية الكفيلة بمشاركة الشباب في صنع القرار داخل الأحزاب والمؤسسات التمثيلية والنقابية، والتجاوب السريع مع مطالب الشباب الخاصة بإنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية، وبناء الاستراتيجيات الخاصة بمقاومة الاحتلال وفقا لرؤى الشباب، خاصة أنهم يشكلون الجسم الاساسي لجميع الفصائل الفلسطينية، وحماية الحريات العامة، والحقوق الفردية والجماعية، وتوفير المناخات القانونية والإعلامية لذلك، وخاصة حرية التجمع، والتعبير والرأي، والعمل المؤسسي. ووقف كل أشكال الانتهاكات والتحريض والاعتقال ومصادرة الحريات والممتلكات.
وأكد على ضرورة عدم الفصل بين القضايا المجتمعية، وقضايا التحرر الوطني، بحيث يتم العمل على تعزيز الجبهة الداخلية بالوحدة وتعزيز صمود الشباب على أرضهم، وتوفير فرص العمل المناسبة، مشددا على تشجيع وترويج مفاهيم المقاومة الشعبية ووسائلها، وتشجيع الشباب على حملات المقاطعة وكسب التأييد، والالتزام بالانتخابات الديمقراطية الشفافة كأساس تداول السلطة في جميع الهيئات والأجسام المؤسسية والتمثيلية والحزبية، على مستوى السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية في برامج الأحزاب والتعليم والتثقيف والمؤسسات والإعلام، بالتركيز على البعدين العربي والإسلامي للهوية الفلسطينية كجزء من الهوية الإنسانية جمعاء.
ويؤكد التقرير على جملة من الاستخلاصات العامة للثورات الشبابية أهمها: أن هذه الثورات أثبتت قدرة الجماهير الشعبية على إحداث التغيير، بعيدا عن نظرية المؤامرة، والقوة "الخيالية" للغرب، وانها تستند للطاقة الشعبية الكامنة، والتي طورت مع الوقت آليات للتعبير عن قهرها، بأساليب متنوعة، وجدت بالتقدم التقني وثورة المعلوماتية حيزا حرا لتبادل الخبرات والآراء والتنظيم الشعبي، مؤكدا على محورية وطلائعية دور الشباب في هذا الثورات، بالاضافة الى تقدم الجماهير على أحزاب المعارضة وحتى المؤسسات المجتمعية، ما يعني تجاوز الجماهير في حراكهم ومطالبهم وثورتهم كلا من نظام الحكم والمعارضة التقليدية له.
كما أكدت على قوة الكتلة الشعبية الموحدة في أهدافها، وإرادتها في مواجهة أدوات القمع لدى أنظمة الحكم، وعلى واقعية الشعارات والمطالب، وتعبيرها الحي عن بديل واقعي تاريخي لحالة الظلم والقمع وغياب العدالة والحريات.
وشدد التقرير على أهمية الثورة المعلوماتية والإنترنت والفضائيات في تناقل الأخبار وتبادل الآراء وتنظيم الجماهير، منوها الى التكامل بين الفضائين الافتراضي والواقعي، بحيث عبر الشباب عن التحامهم العضوي بالجماهير، عبر تحويل حملاتهم على الإنترنت إلى فعل على الأرض.
وأشار الى قدرة الجماهير على تنظيم اللجان الشعبية التي أشرفت على العديد من المهام الاجتماعية، وحتى الأمنية، لمواجهة حالة الفراغ في السلطة، مؤكدا أن هذه الثورات قوضت الأوهام التي بثتها الأنظمة لعقود عن هشاشة البناء المجتمعي والسياسي، وأن مصير البلد مرتبط بأركان النظام القائم.