نظم الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، مؤتمره السابع الذي استعرض فيه تقرير الفساد السنوي للعام 2010، بمشاركة د. سلام فياض، رئيس الوزراء، وعدد من وزراء حكومته. وشدد د. سلام فياض على ضرورة أن تتواكب عملية محاربة الفساد، مع عملية متوازية بمحو صورة تكونت عبر سنوات مفادها بأن السلطة الوطنية فاسدة، وهذا أمر غير صحيح، ولابد من العمل على محاربته بالموازاة مع محاربة الفساد، لخطورة كل من الأمرين على المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
وأضاف د. فياض، خلال حديثه ضمن فعاليات المؤتمر: العمل الذي يقوم به أمان ومؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة عمل في غاية الأهمية، لكنه لا يغني عن المساءلة الرسمية التي هي من مهام المجلس التشريعي، معرباً عن أمله بأن تعود الحياة إلى المجلس التشريعي الفلسطيني، ما يتطلب استثمار مبادرة الرئيس محمود عباس العملية لإنهاء الانقسام، والتي تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني، مؤكداً على ضرورة إنهاء الانقسام، وأنه لا دولة فلسطينية دون إنهاء الانقسام، ودون وحدة غزة والضفة بما فيها القدس الشرقية.
توصيات المؤتمر
وأوصى المؤتمر بضرورة دعوة جميع الأطراف ذات العلاقة بموضوع مكافحة الفساد وبالأساس منها هيئة مكافحة الفساد والأطراف الحكومية ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال لبلورة استراتيجية وطنية فلسطينية لمكافحة الفساد على أن تقر في مؤتمر وطني ويتبعها اعداد خطة وطنية لمكافحة الفساد وتعزيز نظام النزاهة الوطني.
كما أوصى، وفق ما لخص د. عزمي الشعيبي، مفوض "أمان" لمكافحة الفساد، بأنه على الحكومة اصدار قانون جديد بشأن العطاءات واللوازم يعالج النواقص بما يعزز الشفافية والنزاهة ويفعل نظام المساءلة في هذا المجال، واعادة النظر في موضوع الرواتب للوظائف العامة بحيث يتم تحديد حد أعلى وحد أدنى للرواتب مع العمل على تحسين ذوي الرواتب المتدنية وتحديد جهة رسمية محايدة لتحديد رواتب الاشخاص بعقود خاصة، ومتابعة مجلس الوزراء لتنفيذ قرار سحب المركبات الحكومية للوقوف على ما واجه التنفيذ من عقبات واشكاليات واستكمال اجراءت الترشيد الشامل، وشغل الوظائف العليا والفئة الخاصة- وتشمل التعيينات والترقيات لوظائف بمستوى مدير عام، وكيل وزارة، مرتبة وزير، المحافظين، الرتب الأمنية( من رتبة العقيد الى اللواء)، بطريقة تضمن معايير شفافة ومعلنة ومعتمدة وذلك عن طريق اصدار نظام عن مجلس الوزراء يحد من السلطة التقديرية لمؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء في هذا المجال، واصدار تعليمات من مجلس الوزراء وبقرار رسمي بهدف انهاء ظاهرة التمييز في الوظيفة العامة بسبب الانتماء السياسي والغاء شرط السلامة الامنية كشرط للتعيين في الوظيفة العامة واستبداله بشهادة من السجل العدلي.
كما أوصى بوضع نظام خاص لتفعيل الرقابة على المؤسسات الحكومية غير الوزارية بعد اصدار النظام المالي والاداري لكل منها، وتحقيق استقلالية العمل الاعلامي من خلال اقرار تشريعات خاصة تحدد أسس ومعايير وشروط منح رخص المؤسسات الاعلامية المختلفة، وبلورة سياسة مائية فلسطينية من خلال تفعيل دور مجلس المياه الفلسطيني واللجان الفنية المساندة له، واعادة هيكلة سلطة المياه للحد من حالة تعارض المصالح.
وأوصى المؤتمر والتقرير الصادر عنه بتبني واقرار نظام صحي شامل يضمن تقديم هذه الخدمة لكافة المشمولين بأحكامه بكل عدالة ومساواة دون أي تمييز، كذلك نظام ضمان اجتماعي يقلل من اشكالات توزيع المساعدات العينية ومساعدات العاطلين عن العمل، وأن يعمل ديوان الموظفين العام على اعداد مدونات سلوك للوزراء وكبار المسؤولين لا سيما موظفي الفئات العليا وتدريبهم على الالتزام ببنودها والتقيد بأحكامها، اضافة إلى اعتماد مدونة سلوك الموظفين العموميين والعمل على تطبيقها.
وأوصى أيضاً باجراء انتخابات عامة وعاجلة يعاد فيها انتخاب المجلس التشريعي والهيئات المحلية، وزيادة الاجراءات التي تضمن الرقابة على المال العام الواقع تحت تصرف كل منهما.
وأكد التقرير في توصياته على أهمية استقلالية ديوان الرقابة المالية والادارية وتحييده عن أية تدخلات من شأنها أن تضع العقبات أمام عمل الديوان، وتحديد طبيعة علاقة الديوان بهيئة مكافحة الفساد والخطوط الفاصلة بينهما، وأن لا يكتفي الديوان بوضع توصيات للجهات الخاضعة لرقابته بل أن يعمل على متابعة التزام هذه الجهات بتوصياته.
فياض والموازنة
وتحدث د. فياض حول الموازنة العامة للعام 2011، سبقها باستعراض شيء من الاستراتيجية الوطنية 2011 – 2013، وخطة الحكومة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .. وقال: العديد من تقارير المؤسسات الدولية سواء الأمم المتحدة، أو البنك الدولي، أو الصندوق الدولي، خرجت وبناء على ما وضعناه من خطط وبرامج وموازنات في الأعوام الماضية بأن السلطة باتت مؤهلة وفق أدائها في أوجه الحكم والإدارة إلى استحقاق الدولة، حيث أن أداء مؤسسات السلطة وفق هذه التقارير بمستوى وتتفوق في بعض المجالات على دول قائمة، بل إنه وعلى صعيد قطاعات كالصحة والتعليم فإن مؤشرات المقارنة مع الوضع السابق، ومع دول أخرى بما فيها الدول المقدمة، فقد حققت السلطة مراتب متقدمة وبارزة، وكذلك ما يتعلق بالنظام الإحصائي، وإدارة المعلومات والبيانات، والإصلاح المالي، واداء سلطة النقد، وغيرها من المجالات.
وشدد فياض على أن حكومته تعمل على الوصول إل مرحلة متقدمة من الاعتماد على القدرات الذاتية، وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، خاصة مع العجز الجاري في الموازنة، مع "إدراكنا بأنه بات من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل الحصول على مساعدات لتمويل النفقات الجارية للسلطة، وأن الأمر صعب ولكن بدرجة أقل فيما يتعلق بالنفقات التنموية" .. وقال: أحدثنا تقدماً ملموساً في هذا المجال حيث خفضنا نسبة الاعتماد على المساعدات الخارجية من 24% في العام 2008 من مجمل الناتج القومي إلى 12% لهذا العام، وهذا تقدم كبير باتجاه الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي الكامل مع نهاية العام 2013 .. في العام 2008 كانت نفقاتنا تقدر بمليار و763 مليون دولار، في حين انخفضت في العام 2011 إلى 976 مليون دولار، وهذا ناجم عن تحسين الإدارة الضريبة، وليس زيادة الضرائب، فلا زيادة في الضرائب، بل تحسين في آليات الجباية، حيث تجاوزت إيراداتنا في العام الماضي حاجز الملياري دولار، وهو ما لم يتحقق منذ نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذا يأتي رغن نظام التحكم والسيطرة الإسرائيلي التعسفي، ورغم حصار غزة الجائر، وهذا يعني أن الأداء جاء متوائماً مع قانون الموازنة العام للعام 2010، وهو ما يقدم مؤشرات إيجابية لموازنة العام 2011.
وتحدث فياض عن سياسة تخفيض النفقات، وضرب على مثالاً في دعم قطاع الكهرباء، والتي هي أموال مهدورة من موازنة السلطة ناجمة عن ثقافة عدم الرغبة في الدفع، وليس عدم القدرة على الدفع، ففي العام 2007 أنفقت السلطة 540 دولار أميركي، أي ربع موازنتها على فاتورة الكهرباء، وهذا الرقم انخفض إلى 236 مليون في العام الماضي، ونأمل أن ينخفض إلى 160 مليون دولار هذا العام، على أمل الوصول إلى "نقطة التعادل" خلال عامين على أبعد تقدير.
ولا ينكر فياض أن ثمة عجز في موازنة السلطة الفلسطينية في العام الماضي بواقع 100 مليون دولار، جراء على إيفاء العديد من الدول بالمبالغ التي كانت تعهدت فيها للسلطة الوطنية، وأن العجز مستمر لهذا العام بواقع 30 مليون دولار شهرياً منذ مطلع العام، وهذا ما يحول دون تسديد كامل التزاماتنا للقطاع الخاص الفلسطيني، وخاصة قطاع المقاولات مشدداً على أن الحكومة تولي هذا الأمر الأهمية القصوى، لأنها لن تسمح بانهيار القطاع الخاص الفلسطيني، مشدداً على أنه لم يسجل على السلطة والحكومة أنها لم تسدد الديون المتركمة عليها لأحد، متعهداً بسداد جميع مستحقات القطاع الخاص على الحكومة حال توفرت أية مبالغ لتغطية ذلك، مؤكداً: لا نقبل أن نضع الناس بين مقابلة بين الجوع والركوع .. هذه مسؤوليتنا ولن ندخر جهداً لتخفيف العبء خاصة على القطاع الخاص.
وشدد فياض على الاستثمار في البنية التحتية خاصة في القرى المهمشة، والمهددة بسبب جدار الفصل العنصري والاستيطان، مشدداً على أهمية المشاريع التي تم إنجازهاا في هذا المجال، كاشفاً عن مشاريع في القدس الشرقية، وداعياً إلى ضرورة تفعيلها وعدم اقتصارها على قطاعي الصحة والتعليم، كما تحدث عن قرار لدعم ما أسماهم "حراس الأرض" حيث سيتم تخصيص مبلغ 500 شيكل لكل أسرة في التجمعات السكانية التي تقاوم الخطر الاستيطاني، خاصة البدوية منها، والريفية المحاصرة بالجدار والمستوطنات، وتوقع أن يبدأ العمل فيه خلال أشهر قليلة.
كلمة أولى
وتحدثت د. حنان عشراوي، رئيس مجلس إدارة "أمان" عن انعكاسات الانقسام على الوضع الفلسطيني بجميع مكوناته السياسية، والاقتصادية، والبشرية، وعن تعذر تواصلت الائتلاف مع ممثليه في غزة نظراً لاستمرار الحصار، وغياب الرؤية والالتزام بمكافحة الفساد وفق نهج الشفافية والمساءلة هناك، مشددة على أن الاحتلال الإسرائيلي يبقى العائق الأساسي للنمو الطبيعي للمجتمع الفلسطيني، بل ويشوه الواقع الفلسطيني بممارساته الخارجة عن جميع القوانين الدولية والأعراف والقيم الأخلاقية والإنسانية .. وقالت: مع اقتراب استحقاق أيلول 2011، وتكريس الاعتراف الدولي بفلسطين، يأتي هذا المؤتمر لتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة عبر مكافحة الفساد بكل أشكاله.
هيئة مكافحة الفساد
من جهته قال رفيق النتشة، رئيس هيئة مكافحة الفساد، بأن مكافحة الفساد بحاجة إلى تظافر جهود جميع الأطراف، والعمل باتجاه استراتيجية تقوم على خطة وطنية في هذا الاتجاه، مشدداً على أنه كان الأولى بـ"أمان" استيضاح العديد من المعلومات الواردة في تقريره السنوي من الهيئة للتأكد من دقتها، خاصة ما يتعلق بالحديث عن تحرش جنسي لدى جهة دينية، والحديث عن أن الهيئة تعاقب "الصغار وتغض الطرف عن الكبار"، متسائلاً: من الكبار برأيكم إذا كنا نحقق مع وزارء ومستشارين للرئيس وأعضاء بارزون في التنظيمات ومدراء عامون، مشيراً إلى أنه تقدم بالفعل إلى مجلس الوزراء برفع الحصانة عن وزير واحد، وليس عشرين، كما يقال، وأن المجلس طلب منه تأجيل الأمر لحين الانتهاء من التشكيلة الحكومية الجديدة.
وأضاف النتشة: حصلنا العديد من الأموال والأراضي المنهوبة، وتم إيداعها في خزينة السلطة الوطنية، وهناك أموال قادمة من التي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني، مشدداً على أن الهيئة لا تزال تعمل بإمكانات متواضعة، وأنها ستحقق المزيد من الإنجازات مع انتقالها للمقر الجديد، الذي كان مقراً لمحكمة العدل العليا الفلسطينية، مشدداً على أنه سيجري العمل قريباً على قضية تدقيق الذمم المالية، مستهجناً من كم الملفات التي لم يتم البت بها منذ ما يزيد عن ست سنوات، وبالتالي لم يحاسب أي من المتورطين وفقها، إلا أن شدد في نهاية حديثه عن أن أحداً لن يقف حجر عثرة أمام عمل الهيئة، خاصة مع توفر الإرادة السياسية وفق أعلى المستويات وخاصة لدى الرئيس محمود عباس لأن تقوم الهيئة بكامل عملها دون عوائق.
أهم محاور التقرير
وتطرق تقرير الفساد السنوي للعام 2010، واستعرضت ملخصه عبير مصلح، مديرة وحدة البحث في "أمان"، إلى العديد من المحاور الحيوية والحساسة، بعد تأكيده على أنه وبسبب صعوبة جمع المعلومات من القطاع وعدم التعاون من قبل الجهات المسؤولة هناك مع "أمان"، وعدم نشر معلومات كافية عما يتم داخل المؤسسات العامة فإن التقرير لا يتعرض بالتفصيل لواقع الفساد في قطاع غزة إلا في بعض الجوانب التي تم التأكد منها من خلال بعض التقارير والمعلومات المنشورة على بعض المواقع الالكترونية لبعض المؤسسات العامة العاملة في قطاع غزة، اضافة إلى المعلومات الواردة من قبل مكتب أمان في غزة.
إدارة الشأن العام
وفي محور عنونه التقرير بـ"البيئة السلبية المحيطة بإدارة الشأن العام في العام 2010"، أشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من التطورات الهامة التي قامت بها السلطة على صعيد اظهار الرغبة في مكافحة الفساد، وكان آخرها انشاء هيئة رسمية لمكافحة الفساد تمثلت باصدار قانون مكافحة الفساد اضافة إلى انشاء محكمة جرائم الفساد في العام 2010، إلا أنه يلاحظ استمرار غياب التأثير القوي والفاعل للأحزاب والفصائل الفلسطينية لمكافحة الفساد لصالح انشغالها بقضايا الانقسام والصراع على السلطة.
وأكد التقري على أنه كان ولا زال وسيظل الاحتلال الاسرائيلي المستفيد الأكبر من ترسخ الفساد في فلسطين، وعلى أن عدم اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية همّش المساءلة الرسمية والشعبية في العام 2010، وعلى أن استمرار حالة التردد لدى الجهات المسؤولة في فتح جميع الملفات القديمة التي تتعلق ببعض المسؤولين المتنفذين المشتبه في تورطهم بقضايا فساد وفقا لتقارير المجلس التشريعي الأول وتقارير خاصة سبق لديوان الرقابة المالية والادارية أن أعدها وقدمها للرئيس الراحل ياسر عرفات.
الفساد في الوظيفة العمومية
وتحت عنوان "واقع الفساد في الوظيفة العامة خلال العام 2010"، وقسم إلى عدة محاور أولها حول المؤسسات العامة، أشار التقرير إلى أن ثمة تحسناً ملحوظاً على مبدأ الشفافية في نشر المعلومات للجمهور من خلال المواقع الالكترونية لمختلف الوزارات حيث تم نشر بعض التقارير المالية، استدراجات العروض والعطاءات، الخدمات المقدمة للجمهور والوثائق المطلوبة، الشكاوى والاقتراحات، الوظائف الشاغرة لعدد من الوزارات والمؤسسات.
إلا أنه لوحظ أنه وبالرغم من التحسن النسبي الذي حصل على اطلاع العامة على ما يدور في الاجهزة الامنية والتحسن الكبير وبشكل خاص في جهاز الشرطة والدفاع المدني والأمن الوطني في العمل بموجب النظام المالي للعام 2010 وتوقف استلام أموال من الداعمين مباشرة ووضع جميع هذه المساعدات في حساب وزارة المالية، إلا أنه لا زالت عملية الحصول على معلومات أساسية لواقعها وبرامجها وموازناتها وأعداد العاملين الحقيقيين لديها صعب الحصول عليها، كذلك غياب جسم قيادي مؤسسي لهذه الأجهزة مجتمعة غيّب جهة المرجعية والمساءلة، اضافة إلى أنه لم يجري مساءلة برلمانية دورية لوزير الداخلية بصفته مسؤولا عن ثلاثة أجهزة بسبب غياب المجلس التشريعي ولجانه.
وتحدث التقرير عن حالة من عدم وضوح الجهة المرجعية لبعض المؤسسات العامة غير الوزارية في تقديم تقاريرها السنوية واسمترار غياب المجلس التشريعي العام 2010، ما أدى إلى غياب المساءلة للجهات الحكومية الرسمية، كما أشار إلى أن استمرار عدم وضوح مفهوم الاستقلال المالي والاداري للمؤسسات العامة غير الوزارية أضعف الشفافية والمساءلة في عملها وعوّم عملية الرقابة الفاعلة عليها، أيضا لوحظ أن هناك بذخ كبير في رواتب ومكافآت رئيس مجلس ادارة بعضها وأحيانا أعضاء مجلس الادارة والمبالغة في استخدام وشراء السيارات الباذخة وارتفاع تكاليف بدل السفر، وأن عدم اجراء الانتخابات وغياب المساءلة والرقابة للتقارير الصادرة عن الهيئات المحلية ولّد حالات عديدة من سوء استخدام المال العام في مجالس الهيئات المحلية.
إهدار المال العام
وتحت عنوان "الوظيفة العامة رغم التحسن في الممارسة والسلوك لا زالت بعض الظواهر مجالا لاهدار المال العام"، جاء في التقرير: على الرغم من التحسن الكبير في ضبط وترشيد التعيينات في الوظائف الحكومية والتحسن في مجال شفافية الاجراءات المتعلقة بشروط التعيين والتقدم الذي جرى في مجال التنسيق بين الوزارت المختلفة وديوان الموظفين فيما يخص التعيينات والترقيات ونشر هذه المعلومات على الموقع الالكتروني لديوان الموظفين.
وشدد التقرير: إلا أن كلفة فاتورة الرواتب بقيت عام 2010 تشكل المجال الأوسع لاهدار الموارد العامة حيث لوحظ عدة اشكاليات أهمها استمرار ظاهرة الموظف الوهمي، حيث لا يزال هناك العديد من الاشخاص غير المحصور عددهم مسجلين على فاتورة الوظيفة العامة وبشكل خاص من هم محسوبين على الأجهزة الأمنية يتواجدون عمليا خارج اطار العمل الحكومي الرسمي الأمر الذي أبقى فاتورة الرواتب والأجور مرتفعة جدا.
وفيما يتعلق برواتب العقود الخاصة المبالغ فيها مجال للتحايل، أشار التقرير إلى أن هذه العقود لا تخضع لنظام معتمد ومعلن لشروط ومحددات ولآلية تعيين الموظفين بعقود، الأمر الذي نتج عنه ليس فقط مجالا جديدا للتحايل على السياسة المعلنة بالحد من التعيينات والالتزام بنظام التشكيلات، وانما يتم تعيينهم غالبا وفق اعتبارات المحسوبية وبرواتب مبالغ فيها أحيانا، وفي هذا تحايل على الأصول اللازمة للتعيين والواردة في قانون الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية.
وتحدث التقرير عن "ترقيات استرضائية لبعض كبار الموظفين"، حيث لا يزال موضوع ترقية كبار الموظفين وخاصة ممن هم برتبة (وزير، لواء، عميد، وكيل، وكيل مساعد) يفتقد إلى سياسة وآلية واضحة تضمن تحقيق النزاهة والشفافية في هذا الأمر، وغالبا ما تم اخضاع هذه الترقيات لاعتبارات سياسية سواءا في الضفة الغربية او قطاع غزة، فعلى سبيل المثال صدر قرار رئاسي بتاريخ 6/5/2010 بمنح عشرة أشخاص رتبة وزير ولدى مراجعة هذه القرارات لوحظ غياب أية معايير أو أسس توضح أسباب ودوافع الترقية، وجدير بالذكر بأن كافة هؤلاء الاشخاص يتمتعون حسب قرار الترقية بحقوق وامتيازات الوزير، وما يستتبعه ذلك من صرف نفقات وامتيازات ناهيك عن الحقوق التقاعدية التي سيحصل عليها هؤلاء الاشخاص عند احالتهم الى التقاعد، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف تحميل الخزينة العامة نفقات اضافية قد تدخل تحت اطار هدر المال العام.
وأكد التقرير استمرار انتقال الأشخاص بين القطاع العام والخاص دون ضوابط أو رقابة، مشيراً إلى أنه بالاطلاع على قانون الخدمة المدنية واللائحة التنفيذية الصادرة له يتضح أنه خلا من قيود تضبط مسألة انتقال موظفي القطاع العام إلى القطاع الخاص، الأمر الذي يُخشى معه أن يستغل هؤلاء الأشخاص المعلومات التي بحوزتهم وعلاقاتهم بالموظفين واستخدامها بشكل غير مشروع مما يلحق ضررا بالمال العام والمصلحة العامة.
وتحدث التقرير عن أنه لم يتم تبني سياسة واضحة لاصلاح حالة التضخم في اعداد الموظفين لدى بعض الوزارات في حين يوجد نقص في عدد من الاختصاصات والكفاءات المهنية الضرورية في مجالات أخرى، وعن أن الاعداد الكبيرة من الموظفين في قطاع غزة والذين يتلقون رواتبهم دون عمل بسبب اضراب الغالبية منهم شكلت حالة شاذة، كما أن استمرار ضعف رواتب بعض الفئات الخاصة مثل المعلمين أو بعض العاملين في الجهاز الصحي والشرطة يهدد بانتشار ظواهر الفساد في هذه القطاعات.
إدارة المال العام
وكان المحور الثالث للتقرير حول ادارة المال العام والعطاءات والمشتريات العمومية، حيث خلص التقرير إلى أن الموازنة العامة لا تزال لا تخضع من الناحية النظامية الدستورية لأية مساءلة رسمية حقيقية خلال العام 2010، وأنه على الرغم من قيام وزارة المالية خلال العام 2010 بالاعلان عن المشتريات الحكومية التي تستدعي اجراء عطاءات خاصة بها وفتح العطاءات وترسيتها في كثير من الأحيان أمام المتقدمين لها مع تسبيب قرارات ترسية العطاءات وذلك لازالة أية شكوك قد تعتري المتقدمين حول حصول أي تلاعب في هذه العطاءات، إلا أنه لا زال هناك بعض الثغرات التي تؤثر على شفافية ونزاهة العطاءات المشتريات الحكومية، حيث لم تنجح الحكومة خلال العام 2010 في اصدار قانون العطاءات والمشتريات التي وعدت به عام 2009 لمعالجة الثغرات والنواقص في التشريعات القائمة بهذا الشأن، كما لم تستكمل الحكومة اعداد بعض الأنظمة المنفذة اللازمة، كما لم يتم عام 2010 اعداد وحدة مستقلة للاشراف على نشاط الشراء العام برمته، إضافة إلى التحايل أحيانا من خلال تجزئة المشتريات للتهرب من الالتزام بشروط العطاءات واللوازم العامة، والاستمرار سياسة شراء المقرات او استئجارها بطريقة مباشرة دون وضوح جهة الرقابة على تنفيذها، وعدم وجود قواعد مقرة وملزمة ومعلنة تحول دون تضارب المصالح لاعضاء لجان العطاءات إضافة إلى عدم وجود مدونات سلوك خاصة بهم.
مالية الأجهزة الأمنية
وتحت عنوان "مالية الأجهزة الأمنية"، تم خلال العام 2010 انشاء الادارة المالية العسكرية حيث لم تكن منجزة من ذي قبل ولكن حتى الان فإن الرقابة الرسمية (ديوان الرقابة المالية والادارية والمجلس التشريعي) غير فعّالة في مجال الرقابة على مالية الامن بما فيها كلفة الرواتب الاجمالية ومدى دقة وحقيقة من منهم على رأس عمله في الأجهزة الأمنية، فجهاز المخابرات لا يخضع لرقابة الديوان بسبب خلل في قانونه.
وحول "ادارة المال العام والموجودات في قطاع غزة"، أشار البيان إلى أن المجلس التشريعي (الذي يجتمع بحضور نواب حماس) أقر في كانون الثاني لعام 2010 مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2010، ويلاحظ من خلال قراءة بعض بيانات هذه الموازنة ضآلة الشفافية الضرورية لقراءة الموازنة المقرة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة المقالة في قطاع غزة قامت بالتصرف بالأراضي الحكومية خارج نطاق القوانين والنظم المعمول بها حسب ادعاء السلطة في الضفة وهذا الأمر بحاجة إلى متابعة جدية للوقوف على حقيقة بيع الأراضي الحكومية في غزة خاصة في ظل عدم قدرة أمان الوصول إلى معلومات تؤكد أو تنفي ذلك بسبب رفض التعاون من الجهات الرسمية والمسؤولة.
ضبط استخدام السيارات الحكومية
المحور الرابع في التقرير كان حول ضبط استخدام السيارات الحكومية، فوفق التقرير شهد العام 2010 تطور ايجابي في موضوع ضبط هدر المال العام الناتج عن استخدام السيارات الحكومية لأغراض شخصية والتمتع بإمتيازات الوقود المجاني والترخيص والتأمين حيث اتخذ مجلس الوزراء الفلسطيني قراره بشأن تنظيم استخدام المركبات الحكومية في القطاع المدني، وبموجب هذا القرار فقد تم حصر استخدام وسائط النقل الحكومي بالعمل الرسمي فقط، وسحب كافة المركبات الحكومية من عهدة الموظفين وتحويل معظمها لسيارات حركة تدار مركزيا من الوزارات والمؤسسات المختلفة خدمة للصالح العام، لكن وعلى الرغم من الايجايبات السابقة التي حققها القرار إلا أنه يجري الالتفاف عليه من الناحية العملية من خلال: استغلال العديد من الوزارات والمؤسسات العامة لسيارات الحركة والبالغ عددها حوالي 1400 سيارة واستخدامها من قبل الموظفين لأغراض شخصية وذلك بشكل واضح جدا كما هو الحال بالنسبة ل ( وزارة الصحة، وزارة الزراعة، وزارة الحكم المحلي، وزارة المالية، وزارة الأوقاف، وزارة العمل، وزارة الاقتصاد الوطني، وزارة الشؤون الاجتماعية، هيئة البترول) وبشكل اقل كما هو الحال بالنسبة لكل من (وزارة التربية والتعليم، وزارة الداخلية، وزارة الثقافة)، إضافة إلى تدخل العديد من المسؤولين للتوسط بالإفراج عن سيارات الحركة التي تم حجزها نظرا لاستخدامها من قبل بعض الموظفين بشكل شخصي وذلك تحت حجج وهمية وغير صحيحة.
وبشكل عام، كما يقول التقرير، لم تكن عملية الترشيد شاملة عام 2010 واقتصرت على موضوع السيارات الحكومية في حين بقيت بعض المجالات دون ترشيد مثل استمرار البذخ في المكاتب وكثرة انتقال بعض المؤسسات الحكومية من مكان لآخر، المبالغة في السفر.
الخوف وعدم محاسبة كبار الفاسدين يعيق الابلاغ عن الفساد
وفي محور "الخوف وعدم محاسبة كبار الفاسدين يعيق الابلاغ عن الفساد"، شهد العام 2010، وفق التقرير تطوراً في مجال وضوح الجهة التي يتم الابلاغ اليها عن أعمال الفساد وذلك عقب انشاء هيئة مكافحة الفساد حيث تلقت هذه الهيئة منذ نشأتها العديد من الشكاوى صنف البعض منها على أنها تتعلق بقضايا فساد، كذلك اتضح خلال العام 2010 أن معظم الوزارات أصبح لديها وحدات أو أشخاص لاستقبال الشكاوى، اضافة إلى استمرار توجه المواطنين لمركز المناصرة والارشاد القانوني للابلاغ عن حالات فساد، لكن وعلى الرغم من التحسنات التي سبق ذكرها
وأكد التقرير: لا يزال الانطباع الاكبر لدى عامة الشعب الفلسطيني بعدم جدوى الابلاغ عن الفساد نتيجة عدم الشعور بمصداقية السلطة في محاسبة كبار الموظفين، واستمرار عدم الثقة بديوان الرقابة المالية أو ديوان الموظفين كجهازين رقابيين من قبل المبلغين .. ولا تزال الثقافة السائدة في المجتمع الفلسطيني تعتبر الابلاغ عن الفساد نوع من انواع الوشاية، كما تطرق للحديث عن غياب الأنظمة الخاصة بالابلاغ عن الفساد وكذلك الانظمة المتعلقة بحماية المبلغين والشهود، وأن نظام الشكاوى في الوزارات غير مفعّل.
السلامة الأمنية شكل من أشكال الفساد السياسي
وتحت عنوان "السلامة الأمنية شكل من أشكال الفساد السياسي"، أشار التقرير إلى أن الحصول على شهادة السلامة الأمنية من أجهزة الأمن الداخلي أحد الشروط الجديدة الواجب توافرها للمتقدمين للوظيفة العامة خلال العام 2010 وقد تم تحت ذريعة حرمان بعض الأشخاص من تولي الوظائف العامة بسبب انتمائهم الحزبي أو السياسي والتمييز في الترقيات والتنقلات والحقوق والامتيازات، وفصل بعض الأشخاص اللذين يشغلون وظائف عمومية اضافة إلى وقف رواتبهم، فعلى سبيل المثال قيام مدير عام الاستخبارات العسكرية في كتاب موجه إلى ميسر أمور الخدمات الطبية العسكرية بتاريخ 9/8/2010 بتعليل عدم موافقته على تعيين أحد الأشخاص في الخدمات الطبية تحت ذريعة أن والده من المناصرين لحركة حماس، مثال آخر بررت وزيرة التربية والتعليم في العديد من الكتب الصادرة عنها كان آخرها في 2010 عدم الموافقة على تثبيت معلمين في قطاع التربية والتعليم بحجة عدم موافقة الجهات المختصة على ذلك .. وفي قطاع غزة جرى اقصاء أعداد كبيرة من المدراء العامين والمدراء بنقلهم إلى وظائف هامشية بسبب انتمائهم لحركة فتح وجرى استبدالهم بأشخاص موالين لحركة حماس بصفتها السلطة القائمة في قطاع غزة.
الذمم المالية
وفي المحور السابع حول "تقديم اقرارات الذمم المالية"، أشار التقرير إلى أنه لم يتم خلال العام 2010 تقديم اقرارات الذمم المالية من قبل الفئات المفروض أن تقدم اقراراتها إلى الجهات المفترض أن تقدم اقراراتها اليها، وتعتبر هيئة مكافحة الفساد الجهة المخولة لاستقبال هذه الاقرارات لكن حتى بداية العام 2010 لم يتم انجاز نظام خاص ونماذج محددة لذلك، مشيراً إلى أن أعضاء الحكومة في غزة يقدمون اقرارات ذممهم المالية إلى رئيس الوزراء في غزة، علما بأن رئيس الوزراء ليس الجهة القانونية المخولة باستلام اقرارات الذمم المالية.
وحول "مدونات قواعد السلوك لموظفي القطاع العام"، لاحظ التقرير أن قرار المصادقة على المدونة لم يُنشر في الوقائع الفلسطينية، كما لم يصدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أي رسالة تنفيذية بخصوص المدونة بما يفيد الاتجاه فعليا نحو تطبيقها في جميع الوزارات، كما لم يتم طباعة و تعميم المدونة نفسها على الوزارات والمؤسسات العامة، إضافة الى عدم تنظيم ورشات عمل للتعريف بمضمون المدونة أو التدريب عليها في إطار عملية التحضير لتطبيقها.
وزارة الصحة
وحول وزارة الصحة، أشار التقرير إلى أن العام 2010 شهد العديد من التطورات في عمل وزارة الصحة منها نشر التقارير على الموقع الالكتروني للوزارة، استقبال الشكاوى ومتابعتها، اعداد مدونة سلوك للعاملين في القطاع الصحي الحكومي، الاعلان عن الوظائف. مع ذلك استمر وجود عدد من الاشكاليات والتحديات في عدد من مجالات ومهام واختصاص الوزارة منها أنه جرت محاولات جدية للتقليل من فرص الواسطة والمحسوبية للحصول على خدمة العلاج ، تقليل حالات التحويل للعلاج بالخارج، لكن ما زالت هناك بعض الاشكاليات تتمحور حول الواسطة والمحسوبية في التحويلات العلاجية وذلك من خلال تحويل أشخاص للعلاج سواء داخليا أو خارجيا دون اتباع الاجراءات المقررة في هذا الشأن ودون أن تستدعي حاجتهم لذلكن وعانت وحدة التحويل في قطاع غزة من اشكالات وتدخل لأسباب سياسية، وعدم وضوح آلية الرقابة على تقارير الوزارة بشأن العلاج في الخارج، واستمرار حالة التذمر من غياب الشفافية في توزيع خدمة العلاج على المستشفيات الخاصة داخل فلسطين.
وقال التقرير: أثرت الخلافات الشخصية في مركز قيادة الوزارة احيانا على نزاهة وشفافية بعض العطاءات من ذلك أن قانون اللوازم العامة يقضي بأن لجان العطاءات الخاصة التي تشكل داخل الوزارة تكون برئاسة وكيل الوزارة، الذي تم ابعاده بسبب خلافات مع الوزير حيث يرأس الوزير شخصيا هذه اللجان، في حين أن معالجة التظلمات التي تقدم من قبل الجهات التي لم ترسي عليها العطاءات يترك الأمر للوزير نفسه لاتخاذ القرار الذي يراه مناسبا بخصوص موضوع التظلم، إضافة إلى فشل الوصول إلى صيغة عملية بشأن نظام تأمين صحي شامل.
وفي رده على ما ورد في التقرير قال وزير الصحة د. فتحي أبو مغلي، في الجلسة الأولى من المؤتمر: نحن نقاوم كمسؤولين ضغوطات عند تعيين موظفين، أو عند نقل موظفين، أو عند الترقيات، كما نتعرض لضغوط في وزارة الصحة لتحويل المرضى إلى هذا المستشفى أو ذاك، كما أن أي وزير يستلم مع مهامه إرثاً من كوادر تحتل مواقع مهمة تؤثر في رسم السياسات، واتخاذ القرار، ويكون من الصعب تحريك هذه الكوادر أو إبعادها عن مواقع التأثير.
وأضاف أبو مغلي: إن مراجعة ما يتعلق بقطاع الصحة الحكومي في تقرير أمان السنوي عن الفساد للعام 2010، تؤكد أن هناك عملاً جاداً في وزارة الصحة باتجاه الإصلاح، وأن ثمة عملية تطويرية واعدة نحو استكمال بناء نظام صحي يضمن حق المواطن في الوصول إلى خدمات صحية عالية الجودة، آمنة، ومستديمة.
واستعرض أبو مغلي العديد من التفاصيل ذات العلاقة بقانون الصحة العامة، الذي بدأت الوزارة بإعداد بعض أنظمته وعرضها على مجلس الوزراء، وإنجاز مدونة السلوك للموظفين العاملين في القطاع الصحي الحكومي، والعديد من الخطط الاستراتيجية لعمل الوزارة، وإعلان الوزارة عن تقاريرها السنوية في السنوات الأخيرة والتزاماتها المالية إعمالاً للشفافية والنزاهة، وإنشاء وحدة توريدات منفصلة عن الشؤون الإدارية والمالية.
وشدد ابو مغلي على أن الاشتراك في العطاءات مفتوح لكافة الشركات المسجلة والمرخصة، وما يتم رفضه بسبب عدم اكتمال شروط الترخيص يتعلق فقط بالأصناف وليس الشركات، فقد يكون لشركات مسجلة ومرخصة بعض الأصناف غير المسجلة، كما تحدث عن أن وزارة الصحة وضعت نظاماً لتسعيير الأدوية ما أدى لانخفاض أسعارها في السوق بنسب تراوحت ما بين 15-70%، مشيراً إلى أن إيجاد حلول لما ورد في التقرير حول الواسطة والمحسوبية في تقديم الدور في المستسفيات لن يتم إلا بحوسبة المستشفيات، وهو ما بدأ العمل عليه بالفعل.
كما تحدث وزير الصحة عن ضرورة تحقيق نظام التأمين الصحي الشامل، لافتاً إلى أن ثمة مشروع قانون جاهز يأمل أن يلتئم شمل المجلس التشريعي للبت فيه بعد أن تم رده لمرتين في السابق لعدم تمتعه بصفة الاستعجال وفق القانون الأساسي.
قطاع التعليم
ويقول التقرير: شهد العام 2010 تطورا ملحوظا في مجال المنح والبعثات الدراسية، استقبال الشكاوى، نزاهة اجراء امتحانات الثانوية العامة، إلا أنه لوحظ استمرار وجود بعض الاشكاليات فيما يتعلق بالمنح الجامعية، بسبب غياب التنسيق ما بين وزارة التعليم العالي والجامعات الفلسطينية استمر العام 2010 تدخل بعض السفراء في مجال المنح الخارجية التي يتحكم بتوزيعها داخل السفارات
وأضاف التقرير: تعاني بعض المنح والبعثات الخاصة بالاجهزة الامنية والعسكرية من مشكلة عدم العدالة والمساواة في توزيعها على مستحقيها واختيار المتقدمين لها.. ليس واضحا السياسة العامة التي يتم بموجبها منح التراخيص للجامعات والمعاهد التعليمية العام 2010، واستمرار حالة وجود تضارب مصالح في مجلس التعليم العالي بسبب وجود رؤساء الجامعات فيه كأغلبية تأخذ مصلحة جامعاتها في الاعتبار، إضافة إلى تدخل بعض الأجهزة الامنية في التعيينات لأسباب سياسية.
وفي ردها قالت وزير التربية والتعليم العالي، لميس العلمي، تحدث عن النجاحات الملموسة التي حققتها الوزارة خاصة ما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة، وقالت: للأسف الانتماء للحزب السياسي في مجتمعنا يطغى على الانتماء للصالح العام والدولة، وهذا أثر على عمل الوزارة بشكل كبير، حيث لم يعد لدينا الكثير من الكفاءات، كما أثر على تراكم الخبرات، مشددة على أن تدخل الأجهزة الأمنية في رفض العديد من الكفاءات بحجة عدم حصولهم على موافقات منها، إجراء غير قانوني ويضع الوزارة في وضع محرج، حيث يتم إيقاف تعيين أشخاص يستحقون الوظائف، بل تذهب تعييناتهم لآخرين ربما يستحقونها وربما لا، فالمعايير المتشددة التي تضعها الوزارة لضمان حصول الأكفأ والأفضل على الوظيفة عادة ما تصطدم بتوصيات الأجهزة الأمنية وقراراتها.
وأكدت العلمي على النزاهة في التعامل مع قضية المنح الدراسية، طالبة التفريق بين منح الوزارة، والمنح العسكرية، والمنح المتعلقة باللاجئيين الفلسطينيين في الخارج ويتولاها السفراء، مطالبة بضرورة العمل على إحداث تغييرات في قانون التعليم العالي، والنظام الذي يحكم عمل مجلس التعليم العالي بما يساهم في إحداث تغييرات في تشكيلته، مشددة على أن نقاشات عديدة تدور حول توزيع الأدوار بين المجلس كجهة استشارية والوزارة كجهة تنفيذية.
قطاع النقل والمواصلات
شهد العام 2010 تطورا ملحوظا في مجال استقبال الشكاوى، نشر المعلومات على الموقع الالكتروني، منح التراخيص لقيادة المركبات، العام 2010 لم يشهد وقوع حالات فساد تم اكتشافها من قبل الوزارة في عملية منح الرخص، لكن هذا لا يلغي أن تحقيقات جرت بشأن مخالفات حصلت قبل ذلك البعض منها وصل إلى نيابة مكافحة الفساد، وقد أشارت أمان في مراسلاتها مع الوزارة وفقا لمعلومات أدلى بها بعض المشتكين الى وجود مجال واسع لتضارب المصالح بسبب علاقة عاملين في الوزارة بصورة غير مباشرة بمدارس السياقة أو بالخدمات التي تقدمها الوزارة مما حدا بالسيد الوزير الى اصدار أوامر مشددة تمنع العاملين في الوزارة العمل خارج الوظيفة بأية مجالات ذات علاقة بالوزارة.
وقال وزير النقل والمواصلات، د. سعدي الكرنز، معقباً: أشعر بارتياح لما ورد في التقرير، وهو ما يعكس التطور الملحوظ على جميع الأصعدة في آلية عمل الوزارة ومدى رضى المواطنين عنها، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من أن في كل وزارة ميراث قديم من الصعب التخلص منه في يوم وليلة، إلا أن وزارة النقل والمواصلات حققت الكثير من الإنجازات، من إعادة الهيكلة، والتعاطي مع الموظف بشكل مباشر لتعزيز روح الانتماء لديه، والتشدد في انتفاع بعض الموظفين من الوزارة وعملهم فيه والقضاء على هذه الظاهرة تماماً.
وأضاف الكرنز: ليس لدينا ما نخفيه، وأية معلومات لدى الوزارة مفتوحة للجميع .. لدينا إجراءات لتعزيز الرقابة على المركبات غير القانونية، وغير المرخصة، وتعزيز دوريات السلامة على الطرق، وآليات الرقابة على التعسف في استخدام السيارات الحكومية، والتعاطي مع كل الشكاوى التي تصل إلى الوزارة، مشيراً إلى أن إيرادات الوزارة ارتفعت من ما بين 10-12 مليون شيكل العام 2008 إلى 21-23 مليون شيكل في العام 2010.
قطاع المياه
ويقول التقرير في هذا الاتجاه: بالرغم أن سلطة المياه عملت خلال العام 2010 على اعداد خطة اصلاح واعادة هيكلة وقامت بعرضها على مجلس الوزراء إلا أن الاعلان عنها ونشرها للمعنيين والمواطنين لم يتم عام 2010، علاوة على استمرار وجود حالة من تضارب المصالح في سلطة المياه بسبب استمرار الدور المزدوج لها من حيث التخطيط والاقرار واعداد العطاءات والتنفيذ مما يوفر فرص لتعارض المصالح، واستمرار عدم وجود مدونة سلوك للعاملين في سلطة المياه، كما استمر عام 2010 غياب الاستراتيجية الواضحة لإعادة هيكلة قطاع المياه ضمن رؤية وطنية شاملة وغياب حضور مجلس المياه باعتباره مرجعية سلطة المياه الفلسطينية، يضاف إلى كل ذلك ضعف السلطة في مراقبة ومتابعة التعديات على خطوط المياه الرئيسية وعلى مصادر المياه، الأمر الذي أدى إلى استمرار اهدار المال العام وتحميل بعض المواطنين تكلفة فاتورة المعتدين على الحق العام، كما أن سلطة المياه لم تقر في عام 2010 نظام تعرفة للمياه.
ورد شداد العتيلي، رئيس سلطة المياه، خلال مشاركته في المؤتمر بالقول: نأمل من الحكومة الموافقة على الهيكلية التي تقدمنا به للسلطة، وإن لم يكن العمل على تحويلها لوزارة، خاصة أن مصالح المياه في المحافظات الفلسطينية تحكمها قوانين مختلفة، مشددة على شفافية العمل في سلطة المياه، مشدداً على أهمية المصادقة على هيكلية قطاع المياه الذي تقدمت به السلطة للحكومة.
الفساد في فلسطين
وللعام الثالث على التوالي، ووفق التقرير، لا تزال الواسطة والمحسوبية والمحاباة أبرز أشكال الفساد في فلسطين، حسب رأي المواطن الفلسطيني، فبالرجوع إلى استطلاع الرأي الذي أجرته أمان العام 2010 لا يزال اعتقاد الناس وبنسبة 2ر74% (وهي قريبة جدا من نسبة الاستطلاع السابق لعام 2009، 3ر73%) أن الواسطة تساعد في الوصول او الحصول على الخدمة العامة.
واحتل استخدام الموارد والممتلكات العامة لأغراض شخصية المرتبة الثانية وبنسبة 19.6% في استطلاع الرأي الذي أجرته أمان عام 2010 ويعني ذلك استعمال ممتلكات المؤسسة وموجوداتها كسيارات المؤسسة ومعداتها وأجهزتها لأغراض شخصية أو لتغطية مصاريف السفر والاقامة خارج البلاد دون وجه حق.
واحتلت الرشوة المرتبة الأخيرة في اعتقاد المواطنين من حيث أكثر أشكال الفساد انتشارا في القطاع العام لكن ذلك لا يلغي وجودها وتؤكد المعطيات ضرورة الانتباه للظروف الاقتصادية وخاصة تدني رواتب معظم العاملين في القطاع العام وخاصة المعلمين والشرطة وبعض التخصصات في وزارة الصحة وارتفاع مستوى وتكاليف المعيشة مما يشكل بيئة لانتشار الرشوة الصغيرة وتصبح بذلك عادة متأصلة في المجتمع، ومن اللافت في هذا الموضوع انطباع المواطنين في غزة حول الرشوة اذ احتلت الرشوة المرتبة الأولى بنسبة 33.0% ومن المعتقد هنا أن المواطنين قد ينظرون للرشوة ليس فقط باعتبارها أموال تدفع بل ممكن أن تأخذ أشكالا أخرى.
المؤسسات والخدمات الأكثر مجالا للفساد
ووفق التقرير فإن أكثر ثلاث مؤسسات فسادا خلال العام 2010 من وجهة نظر أفراد العينة، كانت بالترتيب أولا: الأجهزة الأمنية، وثانيا: الوزارات، وثالثا: الأحزاب والفصائل الفلسطينية.
أما أكثر ثلاث خدمات مجالا للفساد خلال العام 2010، فكانت أولا: التعيينات / الوظائف، وثانيا: توزيع المساعدات الاجتماعية العينية والمالية، وثالثا: خدمات الشرطة وأجهزة الأمن.
ويقول اللواء عدنان الضميري، الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في رده على ما ورد في التقرير حول الأجهزة الأمنية: المؤسسة الأمنية الفلسطينية أكثر المؤسسات الأمنية خضوعاً للمساءلة بين مثيلاتها في الإقليم، وهذا لا يزعجنا بل يزيدنا ثقة بأنفسنا .. فيما يتعلق بالتعيين والتجميد والبعثات أحب أن أشير إلى أن لكل مؤسسة أمنية في العالم بما فيه المتقدم معايير لذلك .. لا ننكر أن ثمة حالة من التوريث في الأمن، وهو ناجم عن قناعتنا بأن ابن الأسرة الأمنية قد يكون أكثر نفعاً لها من غيرها، لكن هذا يخضع لشروط بطبيعة الحال، وهذا الأمر منتشر في أميركا وبريطانيا وغيرها.
ولا ينفي الضميري أن يكون للانقسام الداخلي تأثيرات كبيرة على عمل الأمن في السنوات الأخيرة، حيث أثر سلبياً على الكثير من السلوكيات، معرباً عن أمله أن تنتهي هذه الحالة سريعاً.
القطاع الأهلي
وأشار التقرير إلى أنه في العام 2010 تم الكشف عن وجود بعض الشبهات بعمل بعض مسؤولي مؤسسات العمل الأهلي وقد أحيل بعض مسؤوليها للتحقيق، وقد تدخلت دائرة العمل الأهلي في وزارة الداخلية في التدقيق بأوضاع بعض المؤسسات الأهلية بما فيها جمعيات خيرية حيث تم حل بعض الادارات واحالة البعض إلى هيئة مكافحة الفساد، وفيما يخص تطبيق مدونة سلوك القطاع الأهلي واجهت المؤسسات الأهلية في العام 2010 جملة من التحديات والصعوبات التي أعاقت تطبيق المدونة وعدم وصولها للمستوى المطلوب
وجاء في التقرير: بالرغم ان الحكومة تبنت في 2010 سياسة تستهدف مغادرة موضوع الاحتكارات خاصة في موضوع الاتصالات حيث تم انشاء وترخيص شركة اتصالات ثانية وهي الوطنية موبايل الى جانب الاتصالات وجوال الا ان القانون الذي صدر لتنظيم هذا المجال حتى الان غير مفعُل، إضافة إلى عدم قيام ديوان الرقابة المالية والادارية بأية عملية رقابية على الشركات المساهمة العامة التي تدير مرافق الامتياز، ناهيك عن غياب أي دور للمجلس التشريعي في الرقابة على عقود الامتياز التي أبرمت مع هذه المؤسسات أو التقارير الصادرة عنها مما أبقى هذا القطاع بامتداداته واستخداماته الواسعة.
تحديات ما زالت قائمة
ومن التحديات التي استعرضها التقرير، افتقاد الأطراف الرسمية والأهلية التي عملت طيلة اعام 2010 على موضوع مكافحة الفساد وتعزيز نظام النزاهة الوطني إلى استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وإلى خطة وطنية معتمدة ومعلنة لعام 2010 الامر الذي جعل جهود هذه الأطراف على أهميتها مبادرات مبعثرة غير مكتملة النتائج حيث انتهى عام2010 دون نتائج ملموسة في مجال مكافحة الفساد باستثناء الاصلاحات التي تمت في مجال الادارة المالية وضغط الموازنة والايرادات والنفقات وبعض برامج الترشيد.
وقال التقرير: بالرغم من التحسن في حيادية الايرادات إلا أن موضوع التهرب الضريبي واستمرار فائض الاقراض ( أكثر من 300 مليون $) يشكل تحدي كبير للسلطة، كما ساهم استمرار غياب دور المجلس التشريعي وعدم تجديد شرعيته الانتخابية في فقدان إحدى حلقات المساءلة والرقابة على أعمال الحكومة، وأن استمرار عدم وضوح نتائج التحقيق في العديد من قضايا الفساد التي تم الاعلان عن كشفها، كما عدم وضوح آلية مراجعة قضايا الفساد القديمة دون اللجوء إلى الانتقائية، يضاف ذلك كله إلى عدم الجدية في اقرار وتطبيق مدونات السلوك، وعدم العمل بموجب خطة اعادة اعداد نماذج عمل الكثير من الوزارات استعدادا للحكومة الالكترونية.
وإضافة إلى التوصيات العامة أفرد التقرير مساحة للحديث عن توصيات تتعلق بكل وزارة على حدة، تشتمل على العديد من النقاط التي تراعي نقاط الخلل التي سبق استعراضها في السابق