أصدر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) اليوم تقريره السنوي حول ما تعرضت له الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطيني المحتلة من انتهاكات خلال العام 2011، والذي يوثّق فيه جميع الانتهاكات التي رصدها بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى بعض التحليلات لأبرز وأخطر الانتهاكات التي ارتكبت في العام 2011.
ورصد مركز مدى ما مجموعه 206 انتهاكات بحق الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العام الماضي 2011، وهو رقم قريب جداً من عدد الانتهاكات التي رصدها المركز خلال العام 2010 والتي وصلت إلى 218 انتهاكاً. وبالرغم من أن الأرقام تشير إلى انخفاض عدد الانتهاكات عن العام 2010 باثني عشر انتهاكاً إلا أنه لا يعتبر تحسّناً نوعياً في وضع الحريات الإعلامية نظراً لخطورة بعض الانتهاكات التي ارتكبت في العام 2011.
وقال مدير مركز مدى موسى الريماوي ان وضع الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لازال سيئا، بسبب الاعتداءات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وبسبب انتهاكات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة. مشدداً على أنه بدون زوال الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، يصعب الحديث عن تحسن حقيقي في حالة الحريات الإعلامية.
وأشار الريماوي إلى أن الانتهاكات الفلسطينية قد تخطت وللمرّة الأولى من حيث عددها انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ولو بفارق بسيط، حيث ارتكبت الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع 106 انتهاكات في ارتفاع ملحوظ قياسا بالعام 2010 (79 انتهاكاً)، بينما ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون 100 انتهاك، وسجلت انخفاضا ملموسا قياسا بالعام 2010 (139 انتهاكاً).
ونوّه إلى أمرين هامين على هذا الصعيد الأول: أن انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي ورغم أنها اقل من حيث العدد ، إلا أنها شكّلت خطراً كبيراً على حياة العديد من الصحفيين أثناء قيامهم بعملهم الصحفي، حيث استهدفتهم بالرصاص وقنابل الغاز والصوت، وأصابت العديد منهم إصابات جدية وخطيرة، وأن الصحفيين لا يبلغون عن بعض الانتهاكات الإسرائيلية كمنعهم من التغطية والسفر مما يجعل الانتهاكات الإسرائيلية تزيد فعليا عن الانتهاكات الفلسطينية. والثاني أن الانتهاكات الفلسطينية في قطاع غزة بلغت 62 انتهاكاً، وفي الضفة الغربية 44 انتهاكاً.
ويعتقد مركز مدى أن استمرار الانقسام وعدم تطبيق اتفاقات المصالحة وعدم محاسبة المعتدين على الصحفيين ووسائل الإعلام أدى إلى هذا الارتفاع الملحوظ في عدد الانتهاكات الفلسطينية.
وأعرب الريماوي عن أمله في تحسن وضع حرية الصحافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العام الحالي، وان تؤدي اتفاقات المصالحة والجهود التي تبذل لتطبيقها إلى إزالة أثار الانقسام على الإعلام، الأمر الذي سينعكس إيجابا على أداء الإعلام الفلسطيني.
وحسب تقرير مدى فإن أخطر وأفظع انتهاكات العام الماضي كانت جريمة قتل الصحفي الإيطالي فيتوريو أريغوني على يد مجموعة مسلحة في قطاع غزة، والتي شكّلت صدمة كبيرة للمجتمع الفلسطيني خاصةً وأن أريغوني كان واحدا من أنشط المتضامنين مع الشعب الفلسطيني من خلال تواجده في غزة ومساعدة أهلها لمدّة ثلاث سنوات، ومن خلال كتاباته التي أبرز فيها معاناة أهالي القطاع جرّاء الحصار الإسرائيلي.
وشهد العام 2011 أيضاً إصابة خطيرة تعرّض لها الصحفي محمد عثمان الذي أصيب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في صدره ويده أثناء تغطيته لمسيرة العودة في الذكرى الثالثة والستين للنكبة بتاريخ 15/5/2011، حيث بقي غير قادر على تحريك الجزء السفلي من جسده لفترة طويلة مما استدعى نقله إلى تركيا لتلقي العلاج، وهو ما زال هناك لغاية الآن. وبعد حوالي عشرة أشهر من إصابته طرأ تحسّن طفيف على حالته الصحية وبدأ يمشي بصعوبة بواسطة جهاز خاص. وبحسب توقعات الأطباء فإنه يحتاج من عام إلى عامين حتى يبدأ المشي بمفرده.
وشدد المركز في تقريره على أن تجاهل الاحتلال الإسرائيلي المستمر للمواثيق الدولية وخاصةً المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واستمراره في التعدي على الحريات الصحفية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جعل مهنة الصحافة من أصعب وأخطر المهن التي يمارسها الفلسطينيون. مستنكراً الصمت الرسمي الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية، وعدم اتخاذ أية قرارات نافذة للحد من خطورتها على حياة الصحفيين، ولمحاسبة المسؤولين عنها.
وطالب مركز مدى السلطات الفلسطينية المعنية في الضفة والقطاع باحترام حرية الرأي والتعبير والالتزام بالقانون الأساس الفلسطيني، خاصةً المادة 19 التي تكفل هذا الحق. ومحاسبة المعتدين على الصحفيين، وبإنهاء آثار الانقسام الداخلي على الإعلام والسماح لكافة وسائل الإعلام بالعمل بحرية ودون قيود.