نظمت مجموعة من المؤسسات بالتعاون مع مجموعات من ذوي الإعاقة وأهاليهم في محافظة جنين شمال الضفة الغربية الليلة الماضية أمسية رمضانية عبروا خلالها عن طموحاتهم وإبداعاتهم ووجهوا نداء للمجتمع المحلي والدولي منحهم الفرصة ليأخذوا دورهم في الحياة العامة.
ورعى الأمسية الهيئة الاستشارية الفلسطينية لتطوير المؤسسات غير الحكومية PCS وبرنامج التأهيل المجتمعي CBR في الإغاثة الطبية الفلسطينية وبمشاركة ممثلين عن المجتمع المحلي ومحافظ جنين قدوره موسى.
وبدأت الأمسية التي تخللها إفطار جماعي بتلاوة الطفل الكفيف محمد الصمادي لآيات القرآن، تلاها موشحات رمضانية للطالب الكفيف ثامر جرادات، وهو أحد المكفوفين الثلاثة في جنين الذين تفوقوا في الثانوية العامة.
وتحدثت الطالبة الكفيفة شروق دراغمة عن أسباب تفوقها في الثانوية العامة لهذا العام، مؤكدة أن إعاقتها لم تكن لتقف حاجزًا أمام تصميمها على التميز والإبداع وتحقيق ذاتها.
وأكدت دراغمة أن ذوي الإعاقة يمتلكون من المواهب ما يؤهلهم لقيادة مجتمعات، وهم طاقات يجب على المجتمع استثمارها، مشيرة إلى أنها التحقت بالجامعة ولن تقف حتى تحصل على شهادة الدكتوراه.
وتلا ذلك وصلات فنية قدمتها الفرقة الفنية لمنتدى الكفيف الفلسطيني الذي تشرف عليه الهيئة الاستشارية والتي يقودها أول طالب كفيف يدرس الموسيقى في جامعة النجاح، حيث عبرت من خلالها الفرقة عن تميز فني لافت.
غياب القانون
وأكد محافظ جنين على أنه لا تنمية حقيقية في المجتمع الفلسطيني دون إنصاف ذوي الإعاقة، مؤكدا على أن تطبيق قانون المعاقين هو المعيار الحقيقي لمستوى التزام المجتمع بحقوق هذه الفئة.
وقال مدير برامج التأهيل في فلسطين د. علام جرار: إن هذه الأمسية تعبر عن عظم الأثر الذي تحدثه الشراكات بين منظمات المجتمع المدني لصالح تمكين ذوي الإعاقة، وكيف يؤدي ذلك إلى تنمية مواهب وقدرات هذه الفئات الهامة في المجتمع.
وأكد جرار على أن اللائحة التنفيذية لقانون حقوق المعاقين رقم 4 لم تتحقق بعد في الحالة الفلسطينية، وهذا يتطلب جهدًا مضاعفًا من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية وخاصة في مجال تخفيض الموازنات المتعلقة بذلك وأكد أن ذوي الإعاقة يثبتون يوما بعد يوم أنهم ليسوا بحاجة إلى شفقة المجتمع بقدر حاجتهم إلى امتلاك وسائل التمكين ومبدأ المساواة والعدالة في الفرص.
بدوره، طالب النائب شامي الشامي رئيس الهيئة الإستشارية بتطبيق فوري لقانون المعاق الفلسطيني والذي يمثل طموح ذوي الإعاقة في فلسطين، ويعالج معظم مشاكلهم المطلبية التي يناضلون أجلها.
القوة الناعمة
واشتكى رئيس اتحاد المعاقين في جنين رفيق أبو سيفين في كلمته من عدم تفهم جدي للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لحقوق المعاقين واحتياجاتهم.
وناشد أبو سيفين الفعاليات أن تكثف جهودها لصالح هذه الفئة المهمشة، وأن تستخدم أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها في الضغط والمناصرة من أجل واقع أفضل للمعاق في فلسطين.
وقدم الطفل الكفيف محمد الصمادي رسالة الطفل الفلسطيني والتي تتضمن نداءً موجها لأطفال العالم يشرح من خلالها جرح الطفولة المعذبة في فلسطين، وواقع الانتهاكات التي يعايشها أطفال فلسطين، مؤكدًا على أن الأمل في حياة أفضل سيبقى حلما يراود كل فلسطيني رغم سوء الحال.
وأكد رئيس منتدى الكفيف مصطفى الجوهري على أن الشباب من ذوي الإعاقة لن يركنوا إلى واقعهم، وهم بدأوا يأخذوا مبادرات مجتمعية جادة لتحسين أوضاعهم، وتنمية مواهبهم، وأخذ دورهم في مسيرة بناء الوطن والمواطن.
الإعاقة العقلية
وتحدثت والدة الطفلين محمد ووسام أبو الهيجاء والمصابين بإعاقة عقلية عن حجم المعاناة التي تكابدها كأم في التعامل معهما، والصعوبات الجمة التي تواجهها معهما.
وطالبت بأن يتم الاهتمام بالإعاقات العقلية التي لا تحظى بالاهتمام الكافي في المجتمع مقارنة بالإعاقات السمعية والبصرية والحركية، سيما على صعيد التثقيف وكذلك توفير الإمكانات اللازمة.
وأشارت والدة طفلة تعاني من إعاقة عقلية إلى أن حياة الأم تنتهي بمجرد أن ترزق بطفل يعاني هذا النوع من الإعاقات الذي يحتاج إلى تفرغ كامل من قبل الأم، وهذا يتطلب من مؤسسات المجتمع أن تساعد الأم المكافحة في هكذا حالة ولا تتركها فريسة الأحزان والمتطلبات الصعبة التي لا تستطيع توفيرها.
وقدم الشاعر الكفيف محمد الباسم، وهو طالب في جامعة النجاح قصيدة من ديوان شهر حول القدس وما تتعرض له من مخاطر، مناشدًا الأمة الإسلامية أن تلتفت إلى ما يحاك للقضية الفلسطينية من مؤامرات.
الختام
وختمت الأمسية بكلمة منسق برامج الإعاقة في الهيئة الإستشارية أحمد هيجاوي الذي أكد على أن الهيئة ومن خلال شراكتها مع الإغاثة الطبية ماضية في تطوير مفاهيم الدمج المجتمعي ، مؤكدًا أن القيادة والريادة ليست حكرًا على أحد، وأن هذه الأمسية دليل على أن ذوي الإعاقة يمكن أن يكونوا قادة ورياديون ومبادرون في مجتمعهم.